الحريري سيكسر الصمت.. “وهل مرّة غير”
![](https://almenberalhor.com/wp-content/uploads/2025/02/086094361388-780x456.jpg)
المنبر الحر – “بالعشرين ع ساحتنا راجعين”، شعار وضعه “تيار المستقبل” لذكرى الرابع عشر من شباط هذا العام. وفيه إيحاء بأن “هل مرّة غير”، وأنها ليست مجرّد عودة إلى ساحة الشهداء ومحيط مسجد محمد الأمين فقط، إنما عودة إلى الساحة بكل مضامينها السياسية والشعبية.
عشية الانتخابات النيابية عام 2022، علّق سعد الحريري عمله السياسي. قيل إنه دفع ثمن أخطاء ارتكبها، إما بقرار خاطئ، وإما بالتغاضي عن الأخطاء. وبالنتيجة، ابتعد عن الساحة، فملأ سواه المشهد. خسر ثروة مالية، وحضوراً سياسياً، فآلت السراي الحكومي لسواه، وبات من دون كتلة نيابية.
ومع حلول الذكرى هذه السنة، يتساءل كثيرون: إلى متى سيبقى الحريري، وماذا سيقول، ومن سيلتقي، ومن سيزوره؟ هل تبدّل الموقف العربي منه؟ وهل ستأتي العودة السياسية عشية انتخابات 2026، التي من المفترض أن يخوضها “المستقبل”؟ أسئلة كثيرة تطرح يفترض أن يجيب عنها الحريري نفسه بكلمته في المناسبة، والتي ستكون مختلفة عن الأعوام الماضية.
كلمة سياسية طويلة
بعد غياب ثلاث سنوات عن أي خطاب سياسي مباشر، ستكون للحريري كلمة مباشرة أمام الناس الذين سيجتمعون حول الضريح. وهو بذلك ، سيكسر الصمت بعدما قال العام الماضي: “كل شي بوقته حلو”. ماذا سيتضمن الخطاب؟ يقول العاملون على التحضيرات إن “خيوط الكلمة وتفاصيلها ستبقى عند الحريري حتى صباح 14 شباط”.
ولكن، وفق المعلومات، لن تكون الكلمة قصيرة، بل سيكون الخطاب شاملاً وواضحاً بتوجّهاته، ويحاكي التحولات والتغيرات وعلى رأسها تراجع الهيمنة الإيرانية، وسقوط بشار الأسد. ومن المنتظر، في الوقت ذاته، أن يرسم خريطة طريق عمل تياره لما بعد 14 شباط.
الملاحظ، وبخلاف السنوات الأخيرة، يتولى “المستقبل” رسمياً وبشكل مباشر التحضير للذكرى التي يتعاطى معها كتاريخ مفصلي للعودة إلى الساحة الوطنية. لذلك، أطلق تحضيراته على أكثر من صعيد، وأبرزها: الحملة الإعلانية التي انتشرت على الطرقات، الجولات المناطقية التي يقوم بها الأمين العام أحمد الحريري لاستنهاض التيار تنظيمياً، إضافة إلى ندوات ولقاءات مناطقية للمنسقيات.
وفي سياق تحضير الحشد، كانت هناك زيارات لإقليم الخروب والبقاع، وستكون هناك لقاءات في الساعات والأيام المقبلة في صيدا وبيروت، على أن تخصص نهاية الأسبوع لجولة على الشمال وعكار والمنية والضنية والكورة. والملاحظ أنه، وبخلاف السنوات السابقة، حضرت السياسة في كلمات الأمين العام والقياديين خلال زياراتهم المناطقية، بعدما كانت تقتصر سابقاً على العموميات الهادفة للحشد.
لقاءات وبرنامج زيارة
لا يزال فريق عمل الحريري يعكف على وضع البرنامج بالتنسيق معه، آخذاً بالاعتبار المتطلبات السياسية، والاعتبارات الأمنية. لذلك، لا يمكن الحديث بعد عن برنامج نهائي. لكن الأكيد، أن الحريري لن يغادر مباشرة بعد إحياء المناسبة، وسيكون حاضراً وراعياً لتوقيع النائب السابق باسم السبع كتابه الجديد “لبنان في ظلام جهنّم”. كما ستكون له استقبالات سياسية ودبلوماسية وشعبية في دارته في وسط بيروت.
هل سيزور قصر بعبدا؟ تقول المعلومات إن الزيارة واردة، بينما تقول أوساط “المستقبل” الآتي: “نحن مع العهد الذي نرى فيه فرصة جديدة للبلد. لا سيما أن خطاب القسم يبشّر بالخير، وهو مقرون بالعودة العربية التي تقودها المملكة العربية السعودية لتطبيق دستور الطائف وتنفيذ أجندة الإصلاح والتعافي”.
في الأعوام السابقة، كان سقف التوقّعات والانتظارات يرتفع، ليخيب بعد ذلك أمل المناصرين مع ركوب الحريري الطائرة عائداً إلى إقامته الخارجية. فلماذا هذه المرة مختلفة عن سابقاتها؟
يشرح العاملون على التحضيرات المسألة على الشكل الآتي: “لقد علّق الحريري عمله السياسي، بالتوازي مع انكفاء العرب عن لبنان نتيجة سياسات “حزب الله” وعهد الرئيس ميشال عون الذي لم يلتزم تعهداته تجاه العرب، من تطبيق الطائف والنأي بالنفس وأفضل العلاقات مع المحيط العربي. أما اليوم، فلبنان يعود إلى الحضن العربي، وهناك فرصة عربية تمد يدها للبنان ويجب تلقفها”.
ويضيف هؤلاء: “إننا أجرينا مراجعة لكل المرحلة الماضية بحلوها ومرّها، بنجاحاتها وخيباتها. وقد أيقنا مَن الصديق ومَن الحليف، ومَن وقف إلى جانبنا ومَن انتظر أن يرثنا، ومن حاول التشفّي. والأكيد أن “المستقبل” لن يلدغ من الجحر مرتين. فأي عودة إذا ما تمت وأعلنها الحريري، ستأخذ العبر من الماضي. فقد أعطينا كثيراً، وقوبلنا بصدمات كثيرة”.
من المؤكد أن لكل مرحلة رجالها وظروفها وعدة الشغل الخاصة بها. لكن الأكيد أيضاً، أنّ الحياة السياسية تكره الفراغ، ومن يغيب عن المشهد، يحضر سواه. اليوم، سيتحمّس المناصرون بالطبع لاستعادة الدور والحضور السياسي لـ “تيار المستقبل”، على أمل أن لا يخيب أملهم هذه المرة أيضاً.