اتفاق الدوحة .. ماذا بعد ؟
المنبر الحر – بقلم د. فوزي علي السمهوري
سؤال يتردد بعد تدخل الرئيس ترامب الصارم الضاغط على مجرم الحرب نتنياهو الذي اسفر عن إبرام إتفاق الدوحة والذي يجسد بنسخة مطابقة لمضمون قرار مجلس الأمن رقم ٢٧٣٥ الذي تنصل من تنفيذه إدارة بايدن ونتنياهو على كافة المستويات الشعبية والسياسية هل إنتهت حرب الإبادة والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بشكل نهائي ام اننا أمام إمكانية إستئنافها بعد نهاية المرحلة الأولى وهل نحن أمام مرحلة تجسيد حل الدولتين الذي أكده أيضا نفس قرار مجلس الأمن ؟
ما يدفع اي مراقب او متابع للتساؤل هو غياب الربط التنفيذي التلقائي بين مراحل الإتفاقية التي تمت برعاية أمريكية مصرية قطرية ويقودنا ذلك أيضا للتساؤل عن غياب هيئة دولية تتولى مهمة ضمان تنفيذ مراحل الإتفاقية ؟
الحكم على ذلك يبقى معلقا لحين توفر الإجابة على التساؤلات التالية :
أولا : هل سيتم الإعلان الكامل والشامل لبنود الإتفاقية وملحقاتها باللغتين العربية والإنجليزية لقطع الطريق امام سلطات الإحتلال الإسرائيلي للإنقلاب عليه ؟.
ثانيا : ما هي اهداف المرحلة الثانية بالنسبة للكيان الإسرائيلي هل ستقتصر على إطلاق سراح باقي المحتجزين ام ان هناك شروطا إسرائيلية تتعلق كما يصرح قادة إسرائيليين بالأمن الإسرائيلي يجب توفرها قبل الإنسحاب الكامل من قطاع غزة كنزع السلاح او خروج قيادات ميدانية .
ثالثا : ما هي اهداف العدو الإسرائيلي من إنشاء منطقة عازلة في شمال القطاع التي وردت بالإتفاقية بغض النظر عن عمقها الجغرافي هل هي دائمة وما تعنيه عندئذ من سطو سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي على الغاز بشكل كامل وحرمان الشعب الفلسطيني من ثرواته ومن حقه بالسيادة على حدود خارجية بحرية للدولة الفلسطينية المعترف بها دوليا ؟
رابعا : من صاحب السيادة الفعلية على معبر رفح ومحور صلاح الدين بشكل عام الذي يشكل الحدود البرية الفلسطينية مع جمهورية مصر العربية فيما يتعلق بالأمن وحرية التنقل والإستيراد والتصدير وغيرها من مظاهر السيادة ؟
خامسا : هل من إنسحاب تلقائي كامل لقوات الإحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة مع إنتهاء المرحلة الأولى؟
تبقى تساؤلات قائمة بحاجة إلى توفر إرادة دولية من قبل غالبية الدول الأعضاء بالجمعية العامة للأمم المتحدة لترجمتها إلى واقع عملي .
ماذا بعد ٧٦ عاما من نكبة فلسطين ارضا وشعبا التي ولدت بعد حرب إبادة وتطهير عرقي إرتكبتها قوات المستعمر البريطاني بمشاركة للعصابات الإرهابية اليهودية الصهيونية وإلى متى :
▪︎ ستبقى القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن وعن الجمعية العامة ذات الصلة بالقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني بالحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس بدءا من قرار رقم ١٨١ و ١٩٤ و٢٧٣ وصولا لقرارات مجلس الأمن ٢٤٢ و ٢٣٣٤ الصادر في كانون اول ٢٠١٦ ولكافة القرارات الصادرة عن الجمعية العامة بدوراتها المتعاقبة وآخرها الدورة ٧٩ لعام ٢٠٢٤ دون تنفيذ ؟
▪︎ الصمت الدولي أمام تغول دول دائمة العضوية بمجلس الأمن عن الدفاع عن مبادئ وأهداف وميثاق الأمم بالعدالة والمساواة بين الدول وبترسيخ الأمن والسلم الدوليين وبضمان إلزام إسرائيل بتنفيذ القرارات الدولية بإنهاء إحتلالها لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا ووقف إنتهاكها العهود والمواثيق والإتفاقيات الدولية وفي مقدمتها إتفاقية جنيف الرابعة التي تمثل بذلك تمردا على الأمم المتحدة بمؤسساتها وعلى قرارات محكمة العدل الدولية ؟
▪︎ سيبقى الصمت والضعف أمام الإزدواجية والإنتقائية التي يتعامل بها مجلس الأمن بدوله دائمة العضوية وخاصة أمريكا مع قضايا العالم الثالث وخاصة القضية الفلسطينية وما موقفها من رفض وقف دائم لحرب الإبادة والتطهير العرقي التي يشنها الكيان الإستعماري الإرهابي الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني بقطاع غزة وما رافقها من تهجير قسري متكرر لمليوني مواطن فلسطيني وتدمير البنى التحتية وحرمان المدنيين من الماء والغذاء والدواء عبر إستخدام الفيتو على مدار ١٥ شهرا ولسنوات بوتيرة اقل في مدن وقرى الضفة الغربية إلا النموذج الحي لحرمان الشعب الفلسطيني من التمتع بحقوقه الأساس المكفولة دوليا وعلى راسها الحق بالحرية والحياة الآمنة في وطنه التاريخي .
▪︎ غياب التصدي للهيمنة الأمريكية برفضها إحترام الإرادة الدولية الاعتراف بالدولة الفلسطينية كعضو عامل بالأمم المتحدة على حدود الرابع من حزيران ١٩٦٧ وعاصمتها القدس عبر إستخدامها الفيتو بالرغم من توفر شروط قبولها المنصوص عليها بميثاق الأمم المتحدة .
ما تقدم من تساؤلات دون توفر مبادرة دولية مسلحة بإرادة صلبة نواتها فلسطين والاردن والسعودية ومصر والجزائر وجنوب إفريقيا وإندونيسيا وتركيا وإسبانيا تعمل على ترجمة اجوبتها إلى إجراءات تنفيذية تكفل ضمان إحترام وسمو الشرعة الدولية دون تسوبف ودون إزدواجية وإنتقائية وإنهاء مكانة بقاء الكيان الإسرائيلي بدعم وإنحياز أمريكي فوق القانون ومحمية من المساءلة والعقاب على جرائمها وإنتهاكاتها وتنصلها من الإلتزام بإنقلاب على ميثاق ومبادئ واهداف الأمم المتحدة بترسيخ السلم والأمن الدوليين .
يبقى الإحتلال الإستعماري الإحلالي الإسرائيلي لفلسطين أرضا وشعبا جريمة دولية مستمرة منذ ٧٧ عاما وحيدا في العالم متمردا على قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ولجانها بتصفية الإستعمار انما وجد فلم يبقى في العالم دولة وشعب إلا الشعب الفلسطيني يخضع ويعاني مسلميه ومسيحييه من وطأة الإستعمار الإسرائيلي العنصري الإحلالي الذي يجاهر وبعنجهية عن رفضه لإنهاء إحتلاله لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا وفق قرار الجمعية العامة رقم 19 / 67 / 2012 كمرحلة من مراحل تنفيذ الشطر الثاني من القرار 181.
إن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني أمام وسائل الإعلام من جرائم موثقة لم يسجل التاريخ مثيلا لها بوحشيتها ودمويتها والتي تصنف كجرائم حرب وإبادة وتطهير عرقي وضد الإنسانية وما يتخللها من أعمال بطش وظلم وإضطهاد وتنكيل وقتل وتجويع وتعطيش وإقتحامات لممتلكاته ومقدساته الإسلامية والمسيحية خاصة في القدس والخليل وبيت لحم يتطلب ودون تأخير بهدف إلزام الكيان الإستعماري الإسرائيلي إنهاء إحتلاله الإستعماري لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا بعاصمتها القدس تنفيذا للقرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية بالمبادرة بالعمل على إستصدار قرار من الجمعية العامة بتجميد عضوية إسرائيل وعزلها دوليا من خلال فرض مختلف أشكال العقوبات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية المنصوص عليها بميثاق الأمم المتحدة .
بدء سريان وقف العدوان الإسرائيلي بمرحلته الأولى يتطلب من الكل الفلسطيني فصائل واحزاب التوحد في إطار منظمة التحرير الفلسطينية لمواجهة المخطط العدواني الإسرائيلي بإستئناف حرب الإبادة والتطهير العرقي بعد إنتهاء المرحلة الأولى وحماية للشعب الفلسطيني وللمشروع النضالي الوطني الفلسطيني بالحرية والإستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس .
الشعب الفلسطيني في قطاع غزة الصامد المتجذر في وطنه الذي سطر بصموده الاسطوري إنتصارا على مخطط العدو الإسرائيلي المدجج بكل اشكال وانواع الأسلحة الفتاكة والمحرمة منها دوليا بتهجيره خارج وطنه فلم يشهد العالم بالرغم من وحشية القصف والتدمير وإجبار ابناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة المتكرر على الإنتقال المتكرر من منطقة لأخرى اي مظاهرة او تجمع على معبر رفح يطالب مصر فتح الحدود لتسهيل خروجه من أرضه ووطنه وهذا الصمود والتجذر والإرادة الوطنية العالية تنسحب أيضا على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية في رسائل بالغة الوضوح ان سيناريو ١٩٤٨ و ١٩٦٧ لن يعود فلا مكان للشعب الفلسطيني إلا أرض فلسطين ولا وطن إلا فلسطين مهما بلغ حجم المؤامرات…
الشعب الفلسطيني مدعوما من أحرار العالم دولا وشعوبا ماض في نضاله وصموده حتى إنجاز مشروعه الوطني بالحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني… ؟
_______________________
www.almenberalhor.com