بعد سقوط نظام الأسد “الفار”.. شركات نفط غربيّة تسعى للعودة لسوريا بعد رفع العقوبات
المنبر الحر – دمشق | محمد سالم
يعود قطاع النفط السوري إلى الواجهة عقب الإطاحة بنظام الأسد، حيث جددت شركات نفط غربية اهتمامها بالعودة للسوق السوري بعد التراجع الكبير في الإنتاج عقب عام 2011، وفقاً لوكالات.
وانخفض إنتاج النفط السوري إلى نحو 80 ألف برميل يومياً فقط بعد أن كان 400 ألف برميل يومياً قبل الثورة السورية.
وتعتبر حقول النفط في “بلوك 26” شمال شرقي سوريا مثالاً صارخاً على الخسائر الناجمة عن الإنتاج غير المشروع في البلاد، في حقبة النظام السوري السابق، حيث أُبلغت شركة “غلف ساندز” البريطانية قبل سبع سنوات أن هذه الحقول، الخاضعة لحالة “القوة القاهرة”، عادت للإنتاج بشكل منتظم من قبل كيانات تابعة لـ”الإدارة الذاتية” التي تسيطر على المنطقة بدعم من قوات سوريا الديمقراطية “قسد”.
ووفقاً لتقارير الشركة، تجاوزت القيمة التراكمية للهيدروكربونات المنتجة بشكل غير قانوني منذ 2017 أكثر من 14 مليار دولار، ما فاقم من معاناة الشعب السوري اقتصادياً وبيئياً وصحياً.
ويباع النفط حالياً بأسعار متدنية تصل إلى 15 دولاراً للبرميل، أي ما يعادل 20% من سعره العالمي، وسبب ذلك سيطرة مجموعات مسلحة على عمليات الإنتاج والبيع غير القانوني، وفق تقرير نشرته صحيفة “فايننشال تايمز”.
إمكانات تطوير القطاع النفطي
تشير تقديرات “غلف ساندز” إلى أن استعادة النشاط القانوني يمكن أن يزيد إنتاج شمال شرقي سوريا من 80 ألف برميل يومياً إلى 500 ألف برميل، ما يحقق عائدات سنوية تصل إلى 20 مليار دولار، هذه الإيرادات إذا أُديرت تحت إشراف دولي، يمكن أن تُخصص لمشاريع إعادة الإعمار ومبادرات تحسين حياة السوريين مثل الأمن والتوظيف والصحة والبيئة، بحسب الشركة.
“مشروع الأمل” وخطط مستقبلية
اقترحت الشركة مبادرة “مشروع الأمل”، التي تركز على توجيه النفط المنتج بشكل قانوني لصالح الشعب السوري وتشير التقديرات إلى أن “بلوك 26” يحتوي على أكثر من مليار برميل من الموارد القابلة للاستخراج، مع إمكانية إنتاج يومي يصل إلى 100 ألف برميل بعد التطوير الكامل.
السيطرة والعقوبات
تسيطر قوات سوريا الديمقراطية “قسد” بدعم من التحالف الدولي على معظم حقول النفط شرقي الفرات، بما في ذلك “بلوك 26″، في الوقت نفسه، تخضع هذه الحقول لعقوبات دولية تعرقل استئناف العمليات القانونية، كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركة “إيفرو بوليس” الروسية المتورطة في شراكات مع النظام السوري المخلوع لحماية الحقول مقابل حصة 25%.
وفي الوقت ذاته، تسعى الشركات الغربية إلى العودة للسوق السورية بعد رفع العقوبات وتنظيم القطاع، ومن بين هذه الشركات “غلف ساندز”، التي دعت إلى تخفيف القيود لدعم جهود إعادة الإعمار وتعزيز الإيرادات الوطنية.
إلى جانب شركة “غلف ساندز”، استثمرت شركات أوروبية وأميركية كبرى في قطاع النفط السوري قبل 2011، من أبرزها، “Shell”، التي تمتلك 20% من شركة الفرات للنفط، أما شركة “توتال” الفرنسية فلديها حصص في مشاريع الغاز والنفط، في حين تمتلك “Suncor” نحو 50% من معمل غاز إيبلا “Ebla”.
ومع فرض العقوبات على سوريا، علّقت جميع هذه الشركات عملياتها، إلا أنها تترقب التطورات السياسية والاقتصادية لإعادة النظر في العودة إلى السوق السورية مستقبلاً.
يذكر أن قطاع النفط السوري يعكس فرصة كبيرة لإعادة بناء الاقتصاد إذا أُعيد تنظيمه بشكل قانوني، ومع وجود خطط واضحة، يُمكن أن يتحول النفط إلى محرك أساسي لتعافي سوريا الاقتصادي، بشرط إزالة العوائق السياسية والاقتصادية التي تحول دون ذلك.