عاجل
كتاب المنبر الحر

سوريا في ظل حكم أحمد الشرع: دولة تنهض أم أزمة مستمرة؟

المنبر الحر – بقلم : عوني الرجوب (باحث وكاتب سياسي)

بعد سقوط نظام بشار الأسد، دخلت سوريا مرحلة جديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع الجولاني، الذي وجد نفسه أمام مشهد سياسي معقد مليء بالصراعات الداخلية والتدخلات الخارجية. ففي ظل محاولته فرض الاستقرار وإعادة بناء الدولة، تبرز تحديات كبرى مثل الفوضى الأمنية، تنامي النزعة الانفصالية في الشمال، تصاعد النفوذ الإيراني، والتدخل الإسرائيلي المستمر. فهل ينجح الشرع الجولاني في قيادة سوريا نحو مستقبل أفضل، أم أن البلاد ستغرق في صراعات جديد

أولًا: التحديات الداخلية لحكم أحمد الشرع

الفصائل المسلحة: أزمة الشرعية والسيطرة

بعد أكثر من عقد من الحرب، لا تزال الفصائل المسلحة تشكّل خطرًا على استقرار الدولة. تتوزع هذه الفصائل بين مجموعات إسلامية متشددة، فصائل مدعومة خارجيًا (تركيا، إيران، الولايات المتحدة)، وميليشيات محلية تبحث عن نفوذ سياسي.

تواجه الحكومة الجديدة عدة خيارات في التعامل مع هذه الفصائل:

الاحتواء والتفاوض: محاولة دمج بعض الفصائل في الجيش أو المؤسسات الأمنية.
القوة العسكرية: شن عمليات أمنية مركزة لإنهاء المجموعات التي ترفض الاندماج في الدولة.
تحييد النفوذ الخارجي: منع الأطراف الإقليمية من استغلال الفصائل لتحقيق أجنداتها.

حتى الآن، تمكن الشرع من استعادة السيطرة على بعض المناطق عبر مفاوضات مدروسة، لكنه يواجه تحديات أكبر في الشمال حيث النفوذ الكردي والتركي.

الملف الكردي: بين الفيدرالية والوحدة الوطنية

الأكراد، الذين حصلوا على دعم غربي خلال الحرب، أصبحوا قوة فاعلة في الشمال السوري. يطالبون بحكم ذاتي، وهو ما يضع الحكومة أمام معضلة حساسة: كيف يمكن احتواء الأكراد دون تهديد وحدة سوريا؟

الشرع الجولاني تبنّى سياسة قائمة على:

منح الأكراد بعض الحقوق الثقافية والإدارية دون الاعتراف بالحكم الذاتي.
 إشراك القيادات الكردية المعتدلة في الحكومة كجزء من المصالحة الوطنية.
التصدي للمشاريع الانفصالية المدعومة من الخارج، خاصة من الولايات المتحدة وإسرائيل.
 الساحل السوري: كيف يتعامل النظام مع معقل العلويين؟
لطالما كان الساحل السوري، وخاصة اللاذقية وطرطوس، معقلًا رئيسيًا للطائفة العلوية التي كانت أساس حكم الأسد. سقوط النظام أثار مخاوف هذه الفئة من الإقصاء أو فقدان الامتيازات.

لتفادي أي صراع طائفي، اتخذ الشرع الجولاني خطوات استراتيجية:

إعادة دمج الضباط العلويين في مؤسسات الدولة الجديدة لضمان عدم شعورهم بالتهميش.
تفكيك الأجهزة الأمنية السابقة وإعادة هيكلتها بحيث لا تكون طائفية.
تقليل الاعتماد على إيران، التي استخدمت العلويين لتحقيق مصالحها الإقليمية.

ثانيًا: التدخل الإسرائيلي والتحديات الإقليمية

مع انهيار نظام الأسد، وجدت إسرائيل فرصة لتعزيز نفوذها في سوريا بحجة مواجهة التهديد الإيراني. قامت إسرائيل بتوسيع عملياتها العسكرية، حيث استهدفت مستودعات أسلحة وقواعد عسكرية، بل وتوغلت في بعض المناطق الحدودية.

ما الذي تسعى إليه إسرائيل في سوريا؟
 تقليل النفوذ الإيراني داخل سوريا.
منع وصول الأسلحة إلى حزب الله اللبناني.
فرض أمر واقع جديد في الجولان ومحيطه.

في مواجهة ذلك، تبنّى أحمد الشرع الجولاني نهجًا مزدوجًا:

تعزيز الدفاعات الجوية السورية للحد من الهجمات الإسرائيلية.
العمل دبلوماسيًا لحشد موقف عربي موحد ضد التدخل الإسرائيلي.
تقليل الاعتماد على إيران، لتجنب إعطاء إسرائيل ذريعة للاستمرار في الهجمات.

ثالثًا: الاقتصاد وإعادة الإعمار – هل من حلول؟

بعد سنوات من الحرب، أصبحت سوريا في وضع اقتصادي كارثي:
انهيار العملة السورية.
تراجع الإنتاج الزراعي والصناعي.
تدمير البنية التحتية في معظم المدن الكبرى.

تبنّى الشرع الجولاني سياسة قائمة على ثلاثة محاور أساسية:

جذب الاستثمارات الخليجية والصينية لإعادة بناء البنية التحتية.
التفاوض مع الدول الغربية لتخفيف العقوبات مقابل استقرار سياسي.
إصلاح النظام المالي والضريبي لضبط التضخم ودعم الطبقات الفقيرة.

ورغم بعض النجاحات، لا يزال الاقتصاد هشًا، خاصة مع استمرار العقوبات الغربية والتوترات الأمنية.

رابعًا: مستقبل سوريا تحت حكم الشرع الجولاني – إلى أين؟

سوريا تقف اليوم على مفترق طرق. مستقبل البلاد يعتمد على قدرة الرئيس أحمد الشرع الجولاني على تحقيق توازن دقيق بين الأمن، السياسة، والاقتصاد.

السيناريوهات المتوقعة لمستقبل سوريا تحت حكم الشرع يمكن تلخيصها في ثلاثة احتمالات:

النجاح في إعادة بناء الدولة:

إذا استطاع فرض سيطرته على كامل البلاد، وإنهاء الصراعات الداخلية، وتحقيق استقرار اقتصادي، فقد تشهد سوريا نهضة حقيقية.

استمرار الفوضى وعدم الاستقرار:

إذا فشل في السيطرة على الفصائل المسلحة، أو لم يتمكن من التفاهم مع الأكراد، أو استمر التدخل الإسرائيلي، فقد تبقى البلاد في حالة اضطراب دائم.

الدخول في حرب أهلية جديدة:

في حال تصاعد التوترات الطائفية، أو حدوث انقسامات داخل الجيش أو الحكومة، قد تجد سوريا نفسها في صراع جديد يهدد كيان الدولة.

أحمد الشرع الجولاني يقود سوريا في مرحلة مفصلية من تاريخها. النجاح في إعادة بناء البلاد ليس مستحيلًا، لكنه يتطلب قرارات حاسمة وسياسات مدروسة. عليه أن يوازن بين احتواء القوى الداخلية، مواجهة التحديات الخارجية، وإعادة بناء الاقتصاد المدمر.

لكن السؤال الأهم: هل يملك الشرع الجولاني القدرة على مواجهة هذه التحديات وحده، أم أن مستقبل سوريا لا يزال مرهونًا بصراعات القوى الدولية والإقليمية؟ الأيام القادمة ستكشف الإجابة.

وان التحديات وظهور العصابات المدعومه من الخارج
لا بد ان يكون لها الاثر على تقدم الشرع في استقرار البلاد
او ان الحرب العالميه قادمه لا محاله ستكون غزة وسوريا اول من يتلضى نيرانها
لتشمل كثيرا من الدول العربيه ودول العالم بما فيها تركيا وايران واوكرانيا وغيرها
او سيطلق العنان لإسرائيل لتجتاح ماتريد من الأراضي العربيه المجاوره. في غياب التوافق العربي وصمت الاله العسكريه العربيه التي ان ما قررت الحرب لم تصمد اسرائيل امامها بضع ساعات
ولكن قد يكون هذا مستحيل.

________________________
www.almenberalhor.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!