حالة نادرة وغير مسبوقة أن يقوم مسؤول في دولة أجنبية بشتم مواطني دولة أخرى ووصفهم بالعمالة وتلقي الرشاوي من دولة أجنبية على منبر مجلس منتخب مباشرة من هؤلاء المحتجين ضد الحرب في غزة الذين وصفهم رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، خلال خطابه أمام الكونغرس، الأربعاء، ، بأنهم “معادون لإسرائيل وأغبياء عليهم أن يخجلوا من أنفسهم”.
ثم عاد وأضاف تهمة جديدة لهم قائلا “على حد علمنا، فإن إيران تمول الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل التي تجري الآن خارج هذا المبنى”، ولفت إلى التصريح الأخير لمديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية، أفريل هاينز بأن “إيران تحاول إثارة الاحتجاجات سرا في الولايات المتحدة فيما يتعلق بالحرب في غزة”.
وكانت هاينز قالت: “أريد أن أكون واضحة بأنني أعرف أن الأمريكيين الذين يشاركون في الاحتجاجات يعبرون، بحسن نية، عن آرائهم بشأن الصراع في غزة”، مضيفة أن “هذه المعلومات الاستخبارية لا تشير إلى خلاف ذلك”، وألمحت إلى إن إيران “تحاول تأجيج الاحتجاجات سرا في الولايات المتحدة فيما يتعلق بالحرب في غزة، وفي بعض الحالات، تقدم الدعم المالي للمتظاهرين”.
وتابعت “الأمريكيون الذين تستهدفهم هذه الحملة الإيرانية قد لا يدركون أنهم يتفاعلون مع حكومة أجنبية أو يتلقون دعما منها”.
لكن نتنياهو قال إن المتظاهرين “يقفون مع حماس والمغتصبين والقتلة وعليهم أن يخجلوا من أنفسهم”.
وتابع “الوضوح يبدأ بمعرفة الفرق بين الخير والشر، ومع ذلك، بشكل لا يصدق، العديد من المتظاهرين المناهضين لإسرائيل، يختار الكثيرون الوقوف مع الشر”.
وردا على مزاعم نتنياهو التي لا تقوم على أي دليل قالت الناشطة اليهودية المعروفة على نطاق واسع بملابسها الزهرية الوردية اللون الدكتورة ميديا بنيامين في حسابها على “أكس” وصفنا نتنياهو “في خطابه المثير للاشمئزاز في الكونغرس، نحن المتظاهرين، بأغبياء إيران التابعين. بالنسبة لجميع أعضاء الكونغرس الذين صفقوا لمجرم الحرب، فإننا نسميكم بلهاء نتنياهو التابعين. عار عليك”.
واكتفى سفير فلسطين في لندن حسام زلمط إلى القول لمحطة “بي بي سي” بأنه “لا يتعلق الأمر بكذب نتنياهو المرضي أو خطاب الكراهية، بل يتعلق بالكونغرس الأمريكي الذي يسمح له بإهانة ملايين الأمريكيين وتحويل مبنى الكابيتول إلى سيرك. إنه يوم حزين لمكانة الولايات المتحدة في المنطقة وفي جميع أنحاء العالم”.
وأثارت الحرب في غزة احتجاجات في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وخاصة في الجامعات، حيث أعرب بعض الأمريكيين عن فزعهم من حجم الخسائر في صفوف المدنيين التي تسببت فيها جيش الاحتلال منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وكانت تلك الاحتجاجات مثيرة للانقسام بشكل كبير على المستوى الداخلي الأمريكي.
وحذر المسؤولون الأمريكيون، بما في ذلك هاينز، علنا من أن “جهات فاعلة في الحكومة الإيرانية سعت في الأسابيع الأخيرة إلى الاستفادة بشكل انتهازي من الاحتجاجات المستمرة بشأن الحرب في غزة”.
لكن نتنياهو لم يتوقف عند مهاجمة المظاهرات المناوئة لزيارته بل أنه هاجم مظاهرات عائلات الأسرى المحتجزين في غزة، وقال في تصريح صحفي إن “احتجاجات عائلات المخطوفين لا تفيد، بل تزيد من مطالب حماس، وتؤخر استعادتهم”.
وليست هذه المرة الأولى التي يهاجم فيها نتنياهو، المظاهرات فقد سبق أن قال بأن “المعادية للسامية تسيطر على الجامعات الأمريكية وتدعو لتدمير دولة إسرائيل ويجب إدانة ذلك”. أضاف زاعما أن “الهجمات المعادية للسامية في الجامعات الأمريكية تذكرنا بألمانيا في الثلاثينيات”، في إشارة إلى الحركة النازية.
الناشط والكاتب والسياسي الفلسطيني أدهم أبو سلمية قال ” في خطاب مجرم الحرب نتنياهو هاجم هذا المجرم المتظاهرين ضد الإبادة الجماعية في أمريكا أكثر مما هاجم إيران، هل تعلمون لماذا؟! لأنه يعلم جيدا حجم وأهمية معركة الوعي، هو يدرك أهمية حراك الشارع وأهمية حراك الجماهير ومدى تأثير ذلك عليه وعلى كيانه الزائل”.
ويعقب منتج البرامج الوثائقية والكاتب والصحفي الأردني فؤاد حسين ي تصريح صحفي له مؤخرا، على مهاجمة نتنياهو الحراك الأمريكي المعارض للدعم الأمريكي للاحتلال ولحرب الإبادة في غزة بقوله ” نتنياهو يدرك تماما أن الحركة الصهيونية تفقد سيطرتها على الأجيال الشابة وهي بداية نهاية الهيمنة الصهيونية على أميركا والغرب بشكل عام لذلك ركز في خطابه على تشويه هذا الحراك والتحريض ضده.”
نتنياهو يعرف تماما نه يخسر معركة الوعي والعلاقات العامة ، وكان هذا واضحا في خطابه الذي شن فيه هجوما غير مسبوق على متظاهرين أمريكيين وطنيين سلميين. والغريب أن أعضاء الكونغرس صفقوا له وهو يشتم ناخبيهم ومواطني وطنهم.