عاجل
عربي

تراجع “الدعم السريع” بالسودان.. بوادر انهيار أم إعادة تموضع؟

المنبر الحر – يوما بعد آخر تتسع رقعة المناطق التي يستعيد الجيش السوداني السيطرة عليها من “قوات الدعم السريع”، ما يثير تساؤلات بشأن إن كان ما يحدث هو بوادر انهيار للأخيرة أم أنها تقوم بعملية إعادة تموضع.

ويمضي الجيش إلى تثبيت أقدامه في معظم أنحاء العاصمة الخرطوم، إضافة إلى ولايتي الجزيرة (وسط) وشمال كردفان (جنوب)، ضمن حرب متواصلة منذ أبريل/ نيسان 2023.

وهذه الحرب خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

واستعاد الجيش، خلال الأيام القليلة الماضية نحو 90 بالمئة من الجزيرة، بعد عام من سيطرة “الدعم السريع” على الولاية، كما استعاد مدينة أم روابة الاستراتيجية بولاية شمال كردفان.

وكذلك تواصل قواته الزحف نحو وسط الخرطوم، في محاولة لاستعادة السيطرة على العاصمة التي تضم القصر الرئاسي.

ومن ثلاثة اتجاهات يحيط الجيش حاليا بوسط العاصمة، حيث توجد مقرات الوزارات والمؤسسات الحكومية وكبرى الشركات والبنوك.

ويقترب الجيش من إحكام سيطرته على وسط المدينة، إذ تتواجد قواته بمنطقة المقرن غربا ومنطقة القيادة العامة للجيش شرقا، وكذلك على الجسور التي تربط مدينة بحري بوسط الخرطوم من الناحية الشمالية.

والأربعاء، أعلن الجيش استعادته السيطرة على منطقة الرميلة والمنطقة الصناعية غرب مركز الخرطوم، ليقترب من وسط المدينة.

وتعد الخرطوم إحدى مدن العاصمة الثلاث إلى جانب بحري وأم درمان، اللتين يسيطر الجيش على معظم مناطقهما.

انسحابات عديدة

تقدم الجيش السوداني يقابله تراجع من قوات “الدعم السريع” التي تفقد منطقة تلو الأخرى بشكل متسارع، كما نفذت انسحابات من مناطق تمركزها في شرق النيل وجنوب الخرطوم نحو منطقة جبل أولياء، وفق شهود عيان الخميس.

وأضاف الشهود آنذاك أن مقاتلي “الدعم السريع” غادروا في مجموعات ومعهم أسرهم وأمتعتهم وأسلحتهم الخفيفة صوب جبل أولياء أقصى جنوب الخرطوم.

ويوجد في منطقة جبل أولياء جسر سد جبل أولياء على نهر النيل الأبيض، وهو المعبر الوحيد إلي غرب الخرطوم تحت سيطرة “الدعم السريع”، بعد أن فقدت كل الجسور على النيل الأبيض ونهر النيل، وهي الفتيحاب والنيل الأبيض وشمبات والحلفايا.

وتحرك “الدعم السريع” عبر جبل أولياء يمكنها هناك من التنقل إلى ولايات كردفان الثلاث (جنوب)، التي تتفاوت نسبة السيطرة فيها بين الجانبين، وولايات دارفور الخمس (غرب).

وتسيطر هذه القوات على 4 ولايات من دارفور، بينما يسيطر الجيش على أجزاء من ولاية شمال دارفور، بينها عاصمتها الفاشر.

وإلى جانب الخرطوم فقدت “الدعم السريع” معظم أنحاء الجزيرة، حيث واصل الجيش الخميس تقدمه وبسط سيطرته على 3 بلدات مهمة شمال الولاية، بعد معارك.

والثلاثاء، استعاد الجيش الكاملين، أكبر مدن شمال الجزيرة، والسبت أعلن تحريره مدينتي الحصاحيصا ورفاعة من “الدعم السريع”.

وفي 11 يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلن الجيش دخول مدينة ود مدني عاصمة الجزيرة، بعد نحو عام من فقدانها لصالح “الدعم السريع”.

ولاحقا، أقر قائد “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو “حميدتي” بفقدان السيطرة على ود مدني، لكنه اعتبر ذلك “مجرد خسارة لجولة وليست خسارة للمعركة”.

انهيار سريع

وفي أقل من شهر، فقد “الدعم السريع” مدنا وبلدات عديدة سيطر عليها لأكثر من 21 شهرا، ما دفع مراقبون لاعتبار ما يحدث “انهيارا” لهذه القوات.

وقال الخبير العسكري اللواء متقاعد أسامة محمد أحمد إن “التوجه إلى الخرطوم كان الخطوة الثانية للجيش بعد تحرير مدينة ود مدني وأجزاء من ولاية الجزيرة”.

وأضاف أحمد في حديثه أن “الجيش قام بعدد من الوثبات وفق مراحل لتحرير الخرطوم وحقق نجاحات كبيرة”.

و”الجيش الآن يحكم الخناق على الدعم السريع في كل المحاور وسط الخرطوم وشرق النيل وأحياء أركويت والصحافة وأحياء جنوب الحزام، وهي: مايو والأزهري والسلمة، وفي جبل أولياء”، وفق أحمد.

وزاد بأن “الدعم السريع تخسر كل يوم عشرات العربات القتالية ومئات القتلى، وهذه القوات في مرحلة الرمق الأخير وتلفظ أنفاسها الأخيرة وهذا انهيار كبير جدا وسريع”.

والأسبوع الماضي، فقدت “الدعم السريع” أكثر من قائد في المعارك بالفاشر والخرطوم، أبرزهم مهدي رحمة المعروف بـ”جلحة”، وعبد الله حسين قائد هذه القوات بولاية الجزيرة.

واعتبر أحمد أن “الرهان على الدعم السريع كان خاطئا، بينما كان موقف الجيش صحيحا وهو أن الحل في الحسم العسكري وليس التفاوض”.

ورأى أن “خطة الجيش الاستراتيجية واضحة، وهي ضعضعة الدعم السريع أولا واستنفاد قدراتها واستهداف قادتها، ثم الإجهاز عليها بضربات تلاحقت الضربة تلو الضربة”.

وتوقع أن “تشهد الأيام المقبلة سيطرة الجيش على كامل الخرطوم، والقراءات الميدانية كلها تقول إن هذه المسألة لن تتعدى الأسبوعين على أقصى تقدير”.

تكتيك عسكري

في المقابل يرى مؤيدو “الدعم السريع” أن ما يحدث من جانب هذه القوات ليس تراجعا، بل إعادة تموضع.

وقال مستشار رئيس “حركة تمازج” للشؤون الأمنية والعسكرية النور حسن حمدان إن “التكتيكات العسكرية الميدانية لقوات الدعم السريع تأخذ أشكالا مختلفة”.

واعتبر حمدان أنه “لا يمكن وصف ما يحدث بالتراجع، لأن الدعم السريع لا تزال في الخرطوم و الجزيرة، و(مؤخرا) كان هناك تقدما لقوات الدعم السريع في محور الجزيرة”.

و”تمازج” هي حركة مسلحة في دارفور، وإحدى الحركات التي وقَّعت مع الحكومة اتفاق جوبا للسلام عام 2020، وانضمت للقتال إلى جانب “الدعم السريع” في أغسطس/ آب 2023.

حمدان أضاف أنه “في الأيام المقبلة سيتلقى الجيش ضربات موجعة في مناطق مختلفة”، ورأى أن “الجيش يحاول في كل يوم أن يغير مسار الحرب وتسويق التسليح الأهلي والقبلي، وهذا ما حذرنا منه طيلة الفترة الماضية”.

وفي ما يبدو مؤشرا على ثقة الجيش باقتراب الحسم العسكري، أعلنت الخارجية السودانية الأحد أن “قيادة الدولة” طرحت خارطة طريق لمرحلة ما بعد الحرب تتضمن استئناف العملية السياسية وتتوج بإجراء انتخابات عامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!