عاجل
الاردن

الأردن يطلب ترحيل الأسيرة المحررة أحلام التميمي إلى خارج البلاد الليلة

قرار غير مسبوق: ترحيل الأسيرة المحررة أحلام التميمي من الأردن يثير الجدل المحلي والدولي

المنبر الحر – في خطوة غير مسبوقة، طلبت السلطات الأردنية مساء الأحد ترحيل الأسيرة المحررة أحلام التميمي إلى خارج البلاد، مما أثار ردود فعل متباينة على الصعيدين المحلي والدولي.

جاء هذا الطلب في توقيت حساس بعد تداول تقارير متناقلة حول القضية، في وقتٍ يشهد فيه العالم العربي تحركات دولية تُطالب بتسليمها للمحاكمة، بينما يرفض الأردن تحت ضغطٍ من الحكومة الأمريكية تسليمها إلى إسرائيل.

خلفية وتفاصيل القضية

أحلام التميمي هي فلسطينية من مدينة الزبابدة في محافظة جنين بالضفة الغربية المحتلة. وُلدت في 20 أكتوبر 1980، وهي تنحدر من عائلة فلسطينية مهتمة بالقضية الوطنية الفلسطينية. تربت أحلام في بيئة فلسطينية تقليدية ومنذ صغرها كانت على وعي كامل بالوضع السياسي في الأراضي المحتلة، وتأثرت بالأحداث التاريخية التي عصفت بالشعب الفلسطيني.

المشاركة في النضال الفلسطيني:

في بداية الألفية، مع تصاعد الانتفاضة الثانية (انتفاضة الأقصى) ضد الاحتلال الإسرائيلي، كان هناك تزايد في حجم المقاومة الفلسطينية في مختلف المناطق. أحلام التميمي كانت جزءًا من هذا السياق، وانضمت إلى حركة حماس، التي كانت تعد واحدة من أكبر فصائل المقاومة في فلسطين. وعلى الرغم من أنها لم تكن تحمل سلاحًا بشكل مباشر، إلا أنها كانت تؤمن بالنضال الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي.

وفي عام 2001، كانت التميمي قد بدأت العمل في مجال الإعلام ونشرت العديد من المقالات التي تدعو إلى المقاومة ضد الاحتلال، وتدعم حقوق الفلسطينيين في الحصول على دولتهم المستقلة.

كانت العملية التي تم تنفيذها في القدس المحتلة في 27 يناير 2002 تستهدف مقهى “صبايا”، حيث قام أحد المقاومين بتفجير نفسه في المقهى، مما أسفر عن مقتل 15 إسرائيليًا بينهم 3 جنود، وإصابة العشرات.

وعلى الرغم من أن التميمي لم تكن مباشرة في تنفيذ التفجير، إلا أنها كانت متورطة في تخطيط ودعم العملية. وبسبب هذه المشاركة، اعتُقلت من قبل الاحتلال الإسرائيلي في 2002 ووجهت إليها تهمًا بتوفير الدعم اللوجستي للعملية، وتقديم المساعدة للمجموعة الفدائية. وتم محاكمتها في محكمة إسرائيلية وأُدينت بتهمة القتل المتعمد.

السجن والمقاومة:

خلال فترة اعتقالها في السجون الإسرائيلية، تعرضت التميمي للعديد من الانتهاكات الإنسانية، وواجهت ظروفًا قاسية بما في ذلك العزل الانفرادي والتعذيب النفسي والجسدي. لكن رغم ذلك، بقيت صامدة في موقفها، وأصبحت رمزًا للنضال الفلسطيني في السجون الإسرائيلية.

وخلال سنوات السجن، نشطت التميمي في مجال التعليم داخل السجون، حيث كانت تُدرس الأسيرات الأخريات وتساعدهن على الصمود أمام قسوة الظروف. كما أنها حصلت على شهادة الماجستير في الفقه من جامعة القدس المفتوحة خلال فترة اعتقالها.

الإفراج عن الأسيرة أحلام التميمي

في 18 أكتوبر 2011، تم الإفراج عن أحلام التميمي ضمن صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس. شملت الصفقة إطلاق سراح أكثر من 1000 أسير فلسطيني مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، الذي كان قد أُسر في قطاع غزة. تم نقل التميمي إلى الأردن بعد الإفراج عنها، في خطوة أثارت اهتمامًا واسعًا على الصعيدين الفلسطيني والدولي.

استقبلت الأردن التميمي بحفاوة، واعتُبرت رمزًا من رموز النضال الفلسطيني وكانت محط اهتمام الإعلام العالمي والصحافة الفلسطينية التي تناولت قصة حياتها، من السجن إلى الحرية، وتضامن الفلسطينيين معها.

الحياة بعد الإفراج:

بعد الإفراج ، تابعت أحلام التميمي حياتها في الأردن، حيث بدأت في الأنشطة الإعلامية والتضامنية لصالح القضية الفلسطينية. كما واصلت التميمي توجيه الرسائل السياسية والحقوقية، مطالبة بتعزيز المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي وحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة.

أحلام التميمي أصبحت من الشخصيات الفلسطينية الشهيرة التي ساندت العديد من القضايا الحقوقية في المحافل الدولية، واستمرت في تقديم الدعم الإعلامي والسياسي للأسيرات والأسرى الفلسطينيين.

تعرضت أحلام التميمي لضغوط من قبل الولايات المتحدة، التي طالبت الحكومة الأردنية بتسليمها لمحاكمتها على خلفية مشاركتها في العملية الفدائية عام 2001.

الولايات المتحدة صنفت التميمي ضمن الشخصيات الإرهابية وطلبت تسليمها بموجب قانون مكافحة الإرهاب. ورغم هذه الضغوطات، لم تقدم الحكومة الأردنية على تسليمها، حيث أن القوانين الأردنية تمنع تسليم المواطنين الأردنيين.

الضغوطات الدولية في قضية الأسيرة المحررة

تعتبر قضية أحلام التميمي قضية حساسة في السياسة الدولية. منذ إطلاق سراحها، كانت هناك ضغوطات دولية كبيرة على الأردن من دول مثل الولايات المتحدة، بريطانيا، وبعض الدول الأوروبية التي تتبنى مواقف مؤيدة لإسرائيل، لمطالبة عمان بمنع عودة التميمي إلى الأراضي الفلسطينية.

إسرائيل من جهتها أكدت أكثر من مرة أن التميمي يجب أن تبقى خارج الأراضي الفلسطينية، مشيرة إلى أنها مطلوبة بموجب القانون الإسرائيلي. من جهة أخرى، دعت جماعات حقوق الإنسان الدولية إلى ضرورة السماح للتميمي بالعودة إلى وطنها، معتبرين أن ترحيلها يمثل انتهاكًا لحقوقها الإنسانية.

ردود الفعل المحلية والشعبية

من جهتها، أعربت العديد من الأطراف السياسية في الأردن وفلسطين عن استنكارها لهذا القرار، معتبرين أن التميمي تمثل رمزًا من رموز النضال الفلسطيني ضد الاحتلال.

وفي الأردن، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات غاضبة من القرار، مع مطالبات بإعادة النظر فيه والضغط على الحكومة الأردنية للسماح لها بالعودة إلى أراضيها.

أما في فلسطين، فقد عبر العديد من السياسيين والناشطين عن تضامنهم الكامل مع التميمي، واعتبروا أن قرار ترحيلها يشكل تهديدًا جديدًا للحقوق الفلسطينية في ظل محاولات تهجير الفلسطينيين من وطنهم.

القرار الأردني بترحيل التميمي

وفي خطوة مفاجئة ومثيرة للجدل، طلبت السلطات الأردنية في الساعات الأخيرة من مساء اليوم ترحيل أحلام التميمي إلى خارج البلاد حيث أكدت مصادر رسمية أن هناك “أسبابًا أمنية ودبلوماسية” قد تكون وراء اتخاذ هذا القرار.

وفي بيان رسمي صادر عن الحكومة الأردنية، أكدت السلطات أنه تم اتخاذ هذا القرار في إطار ما وصفته بـ “الاعتبارات الدبلوماسية الحساسة”، وأنها تعمل على “تأمين سلامة جميع الأطراف المعنية”، ولكنها لم توضح تفاصيل إضافية عن تلك الاعتبارات. كما أشارت إلى أن القرار جاء في إطار حماية الأمن الوطني الأردني والعلاقات السياسية مع الدول الأخرى، بما فيها إسرائيل.

على الرغم من أن السلطات الأردنية لم تقدم تفاصيل دقيقة حول دوافع القرار، فإن الكثير من التكهنات تشير إلى ضغوطات دولية قد تكون قد مارستها حكومات غربية، بالإضافة إلى العلاقة الأمنية المعقدة بين الأردن وإسرائيل.

بعض المصادر الحكومية أكدت أن التميمي ستغادر الأردن عبر إحدى الدول المجاورة خلال الساعات القليلة القادمة، وسط تكهنات حول الدولة التي قد تكون وجهتها التالية.

تساؤلات حول الدور الأردني في القضية الفلسطينية

يثير قرار ترحيل التميمي تساؤلات حول الموقف الأردني من القضية الفلسطينية، خاصة في ظل استمرار العلاقة الأردنية-الفلسطينية المعقدة. ورغم أن الأردن لطالما دعم حقوق الشعب الفلسطيني في محافل دولية، فإن هذا القرار يضع علامة استفهام حول كيفية تعاطي المملكة مع الشخصيات الفلسطينية البارزة التي تُعتبر رموزًا للنضال.

وهناك قلق بين العديد من النشطاء الفلسطينيين حول ما إذا كانت هذه الخطوة جزءًا من سياسة أوسع تسعى لتقليص الدعم الفلسطيني في ظل التحولات السياسية التي تشهدها المنطقة.

وفي الساعات القادمة، يُتوقع أن يتصاعد التفاعل مع هذه القضية على جميع المستويات، حيث من المحتمل أن تشهد الساحة الفلسطينية مزيدًا من الاحتجاجات والمظاهرات المنددة بالقرار علاوة على ذلك، من المتوقع أن يكون لهذا القرار تأثير على العلاقات الأردنية مع القوى الفلسطينية وكذلك مع الدول الغربية التي تمارس ضغوطًا على الأردن.

ويتوقع المراقبون أيضًا أن تسلط الهيئات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة، الضوء على ما يحدث بشأن حقوق الأسيرة التميمي، في الوقت الذي تبقى فيه قضايا حقوق الإنسان الفلسطينية في دائرة الاهتمام العالمي.

يبقى أن نترقب تطورات القضية في الساعات والأيام القادمة، مع استمرار الضغط الشعبي والدولي على الحكومة الأردنية بخصوص هذا القرار.

ومع استمرار حالة التوتر في المنطقة، يظل مصير التميمي وطريقة التعامل مع قضيتها مفتوحًا على عدة احتمالات، في ظل التعقيدات السياسية والأمنية الراهنة.

______________________

www.almenberalhor.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!