عاجل
عربي

مفاوضات الحدود المرتقبة بين لبنان وإسرائيل.. ما أبرز النقاط الخلافية؟

المنبر الحر – أعاد الإعلان الأميركي عن استعداد لبنان وإسرائيل لبدء محادثات ترسيم الحدود البرية المتنازع عليها منذ عقود، التذكير بنقاط خلافية لا تزال تثير التوترات بينهما فيما تُعرّفه الأمم المتحدة باسم “الخط الأزرق”.

“الخط الأزرق” الذي حددته الأمم المتحدة يبلغ طوله 120 كيلومتراً، ويفصل لبنان عن إسرائيل وهضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل، ويحظر قرار مجلس الأمن رقم 1701 في لعام 2006، على جميع الأطراف عبوره.

وفي الوقت الذي تتحدث فيه إسرائيل عن “إعادة ترسيم” الحدود، يؤكد لبنان على “تثبيتها”، وفقاً لما أقرَّته اتفاقية الهدنة عام 1949، والتي تُلزم إسرائيل باحترام حدود جارتها المعترف بها دولياً.

وكما أكد لبنان أن انسحاب إسرائيل من جنوبه -الذي سيطرت عليه تل أبيب لسنوات- لم يكتمل بعد أن بقيت القوات الإسرائيلية في مزارع شبعا و12 نقطة أخرى على طول الحدود، فضلاً عن خروقات أخرى تستولي بها إسرائيل على مناطق خارج نقاط الخط الأزرق.

وأنهى اتفاق وقف إطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي وجماعة “حزب الله” اللبنانية، والذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر 2024، صراعاً دام لما يزيد على عام والذي كان يدور بالتزامن مع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

وأعلن لبنان الذي انتخب مطلع هذا العام رئيسه الجديد جوزاف عون تمسُّكه بضرورة إتمام الانسحاب الإسرائيلي، وقالت حكومته إن الحدود الرسمية ليست بحاجة إلى ترسيم وإنما لتأكيدها وتثبيتها.

وفي وقت سابق هذا الأسبوع، ذكر مكتب وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، نقلاً عن بيان لنائبة المبعوث الرئاسي للشرق الأوسط مورجان أورتاجوس، أن الولايات المتحدة “تجمع لبنان وإسرائيل لإجراء محادثات تهدف إلى حل عدد من القضايا العالقة بين البلدين دبلوماسياً”.

وقال مسؤولان أميركيان لموقع “أكسيوس” الإخباري الأميركي إن إسرائيل ولبنان “اتفقا على فتح مفاوضات لحل النزاعات طويلة الأمد حول الحدود البرية بين البلدين”.

من جهتها، قالت إسرائيل، الثلاثاء، إنها وافقت على إجراء محادثات لترسيم حدودها مع لبنان وإنها ستفرج عن 5 لبنانيين كانوا محتجزين لديها فيما وصفتها بأنها “بادرة تجاه الرئيس اللبناني”. وتسلَّم لبنان أربعة منهم بالفعل.

بينما ذكرت الرئاسة اللبنانية في منشور على “إكس”، أن الرئيس جوزاف عون “تبلّغ بنتيجة المفاوضات التي أجرتها لجنة مراقبة تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية في الجنوب”.

وأضافت: “تسلّم لبنان أربعة أسرى لبنانيين كانت قد احتجزتهم القوات الإسرائيلية خلال الحرب الأخيرة، على أن يتم تسليم أسير خامس يوم غد”.

اتفاقات ما قبل 1948

وقالت أستاذة القانون الدولي ماجي غريّب، إن الحدود البرية للبنان معترف بها دولياً وفقاً لاتفاقية “بوليه نيوكومب” لعام 1923، والتي تم إقرارها بعد ترسيم الحدود، وأودع محضر الترسيم لدى “عصبة الأمم” في عام 1924.

وكانت عصبة الأمم (1920-1946) أول منظمة حكومية دولية أُنشئت “لتعزيز التعاون الدولي وتحقيق السلم والأمن الدوليين”. وغالباً ما يشار إليها على أنها “سلف” الأمم المتحدة.

وأضافت غريّب أن الخرائط الرسمية لهذه الحدود حُفظت كذلك في الأمم المتحدة، وأن إسرائيل ملزمة بالانسحاب من الأراضي التي لا تزال تحتلها، بما في ذلك التلال الخمسة التي استولت عليها بعد وقف دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة “حزب الله” حيز التنفيذ في 27 نوفمبر الماضي.

وأشارت إلى أن الحدود البرية في الجنوب وُضعت عام 1923 حين كانت فلسطين تحت الانتداب البريطاني ولبنان جزءاً من سوريا في إطار الانتداب الفرنسي، وقد تم تحديدها من خلال 38 نقطة بين الناقورة (على البحر) ونهر الوزاني (في أقصى الشمال الشرقي).

وتابعت: “بعد حرب عام 1948، تم توقيع اتفاقية الهدنة بين لبنان وإسرائيل في عام 1949، بهدف وضْع حد للأعمال القتالية، وقد أكدت الاتفاقية الحدود الدولية بين لبنان وفلسطين مع الاعتراف بالحدود المرسومة في 1923، ولتأكيد الحدود بشكل أكثر دقة، تم إضافة 105 نقاط جديدة بين النقاط الـ38 التي تم تحديدها في العام ذاته، ليصبح المجموع 143 نقطة على الحدود البرية بين لبنان وفلسطين”.

ولفتت إلى أن اتفاقية الهدنة 1949 ألزمت إسرائيل بالتراجع إلى ما بعد هذه النقاط وعددها 143، وهي جزء من التفاهمات الأمنية التي تهدف إلى حفظ السلام بين لبنان وإسرائيل بعد الحرب.

نقاط خلافية

وذكرت غريب أن الخط الأزرق الذي رسمته الأمم المتحدة محدداً لانسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية عام 2000 “لا يتطابق مع الحدود التي تم تحديدها وفقاً للاتفاقات السابقة”.

ومضت تقول: “توجد 13 نقطة خلافية بين الخط الأزرق والنقاط الحدودية المحددة في الاتفاقيات السابقة (1923 و1949). تُمثّل هذه النقاط مواضيع نزاع مستمر بين لبنان وإسرائيل، حيث ترفض الأخيرة التراجع عنها، فيما يُصر لبنان على احترام النقاط الأصلية”.

وتتعلق النقاط الخلافية بمناطق مثل مزارع شبعا وجبل الشيخ، وأراضٍ أخرى لا تزال موضع نزاع بين الجانبين.

مزارع شبعا والقرى السبع

اعتبر الخبير العسكري العميد متقاعد بالجيش اللبناني جورج روكوز، أن مزارع شبعا من أبرز المشكلات الحدودية بين لبنان وإسرائيل.

ومزارع شبعا، هي منطقة جبلية تمتد على الحدود بين لبنان وسوريا وإسرائيل.

وبدأت إسرائيل احتلال المزارع بعد إعلان قيامها عام 1948 واستمرت في توسيع احتلالها حتى عام 1973 لتظل مسيطرة على أجزاء من الأرض اللبنانية.

وقال روكوز إنه “رغم انسحاب إسرائيل من معظم الأراضي اللبنانية في عام 2000 في إطار تنفيذ القرار الأممي رقم 425، استمر النزاع حول مزارع شبعا. فقد رفضت الأمم المتحدة اعتبارها لبنانية إلا بعد التوصل إلى اتفاق ثنائي بين لبنان وسوريا، كما أن إسرائيل تعتبرها جزءاً من الأراضي السورية التي احتلتها عام 1967 وليست لبنانية”.

وأضاف روكوز: “اعتبرت الحكومات اللبنانية المتعاقبة، أن مزارع شبعا جزء من سيادتها استناداً لتصريحات المسؤولين السوريين في عام 2000 والذين أكدوا لبنانية المزارع ووجود مستندات ملكية لسكانها من عقارات وأراضي زراعية، تثبت تبعيتها للدولة اللبنانية، ومع ذلك، دعا مسؤولون في الأمم المتحدة إلى إبرام اتفاق بين لبنان وسوريا لتثبيت السيادة على هذه الأراضي”.

وتطرَّق روكوز إلى أن القرى السبع، قائلاً إنها “كانت جزءاً من لبنان قبل أن تُسلب بموجب الاتفاقات بين الانتداب الفرنسي والبريطاني في بداية القرن العشرين، وهذه القرى هي آبل القمح، وطيربيخا، وصلحا، وقدس، والمالكية، والنبي يوشع، وهونين”.

وتابع: “مع مرور الوقت، استعاد عدد من سكان هذه القرى جنسياتهم اللبنانية، مما يثير تساؤلات حول كيفية إعادة هذه الأراضي إلى لبنان وفقاً للقانون الدولي”.

الموقف السوري

وطالب الخبير العسكري بالتواصل مع الحكومة السورية الجديدة؛ لتثبيت الحدود البرية بين الدولتين، وسحب الذريعة من إسرائيل في استمرار احتلالها”.

وتساءل روكوز: “إسرائيل أحكمت سيطرتها على المثلث الحدودي مع لبنان وسوريا عبر احتلالها قمة جبل الشيخ السورية بشكل كامل، فهل يمكن أن تنسحب من مزارع شبعا مقابل هذا التقدم الميداني، أم أنها ستبقى مسيطرة عليها خوفاً من كشف قواتها من الجزء اللبناني؟”.

ونبَّه إلى أن “إسرائيل استخدمت تقنيات قانونية وفنية لتوسيع نطاق سيطرتها على المناطق الحدودية مثل مزارع شبعا، عبر تقديم تفسيرات قانونية لتعديل الحدود”.

وأردف روكوز بالقول: “إسرائيل تتبنى سياسة متناقضة بشأن الحدود، حيث لا تعترف بتوارث الاتفاقيات السابقة التي كانت قائمة باسم فلسطين، وهو ما يتعارض مع مبدأ (الاستوبل-Estoppel) في القانون الدولي”.

ومبدأ “الاستوبل” هو مبدأ قانوني يمنع الشخص من الجدال أو المطالبة بحق يتناقض مع ما وافق عليه أو قاله سابقاً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!