عاجل
كتاب المنبر الحر

لماذا جن جنون ترامب من غزة ؟

المنبر الحر – بقلم عمر شاهين

مع بداية سلسلة المعارك التي تلت هجوم 7 أكتوبر، طُرحت العديد من التساؤلات المرتبطة بخطة اليوم التالي للحرب، ولعل أبرزها ما هو مرتبط بهوية الجهة الإدارية الحاكمة لغزة؟ بالإضافة إلى معرفة مصير وملجأ من فقد منزله.

وفي ضوء نتائج هجوم السابع من أكتوبر، بات كثيرون يتساءلون عن مدى إمكانية الدول المناهضة للمقاومة من تحقيق ما عجزت عن فعله إسرائيل من تدمير البيئة الحاضنة للمقاومة، وهل لتلك الدول القدرة على إشعال الشرارة الأولى لانطلاق الانقلاب الشعبي على حماس؟.

ومنذ الإعلان عن الوصول لاتفاق وقف إطلاق النار، كان الغزيون في انتظار الكشف عن حجم الدمار الذي أحدثه انسحاب العدو الصهيوني من أجزاء كبيرة من غزة، حيث بدأ السكان يعودون إلى مناطقهم المدمرة، وبيوتهم المهدمة التي استغرق بناؤها عشرات السنين، وبذلك بات جلّ ما يملكه المواطن الغزي ركامًا.

حيثيات هذا المشهد قد تنبأ بقرب حدوث ثورة جامحة يقودها سكان غزة ضد حماس، حاملين معهم ويلات نتائج أحداث 7 أكتوبر من تشريد ودمار وأسر وقتل.

ويُعد هذا السيناريو هو المشهد المنتظر لدى قيادات السلطة الفلسطينية، لا سيما وأن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قد عبّر مراراً عن رغبته في تسلم زمام الأمور في القطاع، وبأن السلطة هي الجهة الشرعية الوحيدة المخوّلة لذلك.

ولكن ما حدث شكل صدمة عارمة، والمشهد لم يكن متوقعاً، فمنذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، لم نسمع غزاوياً واحداً يشتم أو يهاجم حماس، ولم يخرج منهم من يتحدث عن ويلات ما حدث بعد 7 أكتوبر، من انتقام غير مسبوق قام به نتنياهو وجيشه.

بل يمكن القول إن المقاومة استطاعت في خضم عمليات تسليم الأسرى إيصال رسائل عظيمة مفادها أن المقاومة لم تهزم، بل خرجت من هذه المعركة بقوة أكبر، واستطاعت بذلك تعزيز قوتها العسكرية والقتالية.

وفي ذات السياق، يمكن رؤية المفارقات الكبيرة التي حدثت ما بين مشهد الالتفاف الشعبي حول المقاومة في غزة، مع المشهد السياسي في دمشق، حيث نجد أنفسنا أمام انقلاب سياسي وإعلامي وعسكري. فما حدث قبل شهر في دمشق إثر سقوط بشار الأسد، أظهر أن حليف الأسد وعدوه أصبحوا في خندق واحد، ولم يجد الأسد في تلك اللحظة حاضنة شعبية تدافع عنه، حتى في مدن الساحل من طائفته أو جيشه أو فروعه الأمنية، وذلك على عكس ما حدث في غزة.

وكل مراقب للمشهد الغزاوي منذ عام 1967، أي بعد احتلالها، يعلم أن غزة احتضنت على مدى السنوات الطوال حركات المقاومة، حتى قبل تأسيس حماس بعشرين عامًا. وهذا ما جعل نتنياهو يطيل أمد الحرب، بهدف تدمير الحاضنة الشعبية للمقاومة، والبنية التحتية من شارع وحي وعائلة في غزة. وكرر نتنياهو السيناريو ذاته في لبنان حيث عمل على تدمير قوة حزب الله، وقطع أذرع إيران من الشرق الأوسط.

 يمكن القول إنه وبعد الخيبة الاستخباراتية والسياسية الأمريكية والإسرائيلية في غزة، ذهب ترامب باتجاه تكرار مشهد عانى منه اليهود كثيرًا منذ عقود، وهو سيناريو التهجير من القدس، ولكن هذه المرة المهاجرون هم الفلسطينيون.

والآن يسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهو عراب صفقة القرن والمؤمن بيهودية القدس، إلى نقل أهل غزة بين بلاد عدة. بعد أن صُدم من كل ذلك الصمود والثبات الواضح من أهل غزة المتجسد بقولهم: “نحن في غزة ما زلنا مقاومة”.

وبالرغم من أن خطة ترامب قد لاقت ترحيبًا صهيونيًا واسعًا، حيث يعتبر ترامب ونتنياهو أن الحل الأمثل لتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة هو تهجير أهل القطاع، إلا أن أرض غزة متجذرة في نفوس أهلها وباقية في قلب المقاومة.

ولهذا، كان مشهد اليوم التالي للحرب مغايرًا لما كان متوقعًا، وهذا ما يفسر حالة الجنون التي يعيشها ترامب لتمسك سكان غزة بمقاومتهم رغم كل الدمار والشهداء.

______________________

www.almenberalhor.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!