لماذا اختار الشرع الأردن.. وما دلالات زيارته بالتزامن مع تهديدات الاحتلال لسوريا

المنبر الحر – زار الرئيس السوري أحمد الشرع العاصمة الأردنية عمّان الأربعاء، وحظي باستقبال رسمي، حيث كان في مقدمة مستقبليه الملك عبد الله الثاني وولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله.
وتم التأكيد خلال اللقاء، على عمق العلاقات الأخوية، والحرص على توسيع التعاون في مجالات التجارة والطاقة والمياه. وأشاد جلالته خلال اللقاء، بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني السوري، مؤكدا أنه خطوة مهمة نحو إعادة بناء سوريا بما يحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق.
وقال الملك عبد الله للشرع إنه يدين الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، مؤكدا دعم المملكة لسيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها. وبدوره، أعرب الرئيس السوري عن تقديره لموقف الأردن، بقيادة الملك، الداعم لجهود إعادة بناء سوريا والحفاظ على وحدتها وأمنها واستقرارها.
ملفات ساخنة على الطاولة
الزيارة القصيرة للشرع حملت في طياتها دلالات إستراتيجية عديدة، حيث بحث خلال الزيارة مع الملك عبد الله بحضور كبار المسؤولين قضايا عديدة مشتركة بين البلدين، إضافة إلى مسألة الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.
وتأتي الزيارة في وقت حساس تشهده المنطقة، في ظل تهديدات إسرائيلية متزايدة لسوريا، وتصريحات رسمية من كبار قادة الاحتلال بوجود نوايا للبقاء في المناطق المحتلة جنوب سوريا، حيث أعلن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن رفضه لوجود قوات سورية أو فصائل مسلحة جنوب دمشق، مطالبا بإنشاء منطقة منزوعة السلاح.
المباحثات تناولت أيضا ضرورة التنسيق الوثيق بين البلدين في مواجهة مختلف التحديات المتعلقة بأمن الحدود، والحد من تهريب الأسلحة والمخدرات، مع التشديد على أهمية عودة سوريا إلى دورها الفاعل في محيطها العربي.
ملف اللاجئين السوريين.. هل بدأت العودة
وفي ذات السياق، تمت مناقشة ملف اللاجئين السوريين في الأردن، حيث بين جلالته ضرورة تهيئة الظروف المناسبة للعودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين إلى بلدهم.
ويذكر أن الاردن يستضيف أكثر من 1.4 مليون لاجئ سوري منذ اندلاع الأزمة، الأمر الذي شكّل ضغطًا اقتصاديًا واجتماعيًا على موارده. ومن جهتها، تعمل الحكومة السورية الجديدة على تهيئة الظروف المناسبة لعودة اللاجئين، عبر تحسين الأوضاع الأمنية.
جبهة موحدة
إلى ذلك، قال أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة الأردنية الألمانية بدر ماضي إن زيارة الشرع التي تأتي بعد يوم واحد من زيارة ولي العهد إلى تركيا ولقائه الرئيس رجب طيب أردوغان، تحمل دلالات هامة حول وجود بوادر لتشكيل جبهة موحدة في مواجهة الاحتلال.
وقال ماضي في تصريحات إن “إسرائيل لا يمكن لها أن تعيش إلا على الفوضى، ولا تريد سوريا موحدة ولا تريد استقرارا في الأردن وفي مصر، وهي تحاول أن تكون دول الطوق مشتتة الذهن في كثير من المشاكل الداخلية، من أجل عدم القدرة على تشكيل حالة جماعية ضد مع دولة الكيان”.
لافتا إلى أن الأردن أدرك تماما أن الفراغ الذي حدث في غياب المشروع الإيراني، وتأثر حزب الله وسقوط نظام الأسد، أحدث فراغا إقليميا لا بد من تعبئته سريعا من أجل إعادة التوازن الخلاق وليس توازن الفوضى.
واشار ماضي إلى أن إسرائيل لا تريد التعايش مع دول المنطقة وشعوبها، مضيفا أن تحقيق السلام الكامل مع دولة الاحتلال يعني إعطاء الفلسطينيين دولة مستقلة، وهو ما لا يريده الاحتلال.
مع تركيا والسعودية
وقال ماضي إن هناك إشارات ممتازة وإيجابية من القيادة السورية الجديدة، طمأنت الأردن والسعودية وتركيا. لافتا إلى أن الأردن لا يريد أن يدخل في لعبة محاور، لكن هناك بوادر تحالفات سياسية مهمة قد تتمدد إلى أن تكون تحالفات اقتصادية واجتماعية قوية بين الأردن والسعودية وتركيا.
ونوه أن هذا لا يعني أن الأردن قد يضحي بعلاقاته مع الدول الأخرى. مشددا على أن زيارة ولي العهد إلى تركيا تحمل دلالات أيضا عن وجود دعم أردني لتقوية الموقف التركي ضد الملف الإسرائيلي، بهدف العودة إلى التوازن الذي يمكن أن يحدث في منطقتنا.
وتابع أن “زيارة ولي العهد لتركيا وزيارة الشرع للأردن هي خطوات استباقية لفهم المشكلة، والأردن حجر التوازن في المنطقة والفاعل الأساسي دائما”.
لماذا اختار الأردن؟
وحول سبب اختيار الشرع الأردن كمحطة ثانية عربية له وثالثة بشكل عام بعد السعودية وتركيا لزيارتها، قال ماضي إن الرئيس السوري أراد من خلال مجيئه إلى عمّان، إكمال حلقة الشرعية السياسية.
وأضاف أن “الأردن يعلم تماما أن استقرار سوريا مصلحة إستراتيتيجة وداخلية، هي ليس فقط دولة جارة، هي مصلحة داخلية أردنية داخلية”.
وقال إن زيارة الشرع للأردن تخص أيضا مناقشة مسألة الحدود الطويلة وعدد اللاجئين الكبير، مشيرا إلى أن هذه الحدود استخدمت لفترة طويلة ضد أمن الأردن من خلال المخدرات.
تحركات إقليمية بشأن غزة
تأتي زيارة الشرع في خضم سلسلة من التحركات الإقليمية المتسارعة بشأن غزة، منها لقاء سمو الأمير ولي العهد الحسين بن عبد الله الثاني بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة أمس الثلاثاء.