قانون العفو بمواجهة انتقادات لعدم شموله الجرائم البسيطة
وجه حقوقيون وقانونيون، انتقادات لمشروع قانون العفو العام لسنة 2024 لعدم شمول عدد من الجرائم البسيطة بالعفو، وفي مقدمتها الجرائم المرتكبة خلافا لأحكام قانون الجرائم الإلكترونية لسنة 2023 المتعلقة بالرأي والنشر.
وتركزت نقاشات النواب في جلسة أمس، حول ضرورة التوسع في مشروع قانون العفو العام، وشمول جرائم القتل في المادة 326 من قانون العقوبات لسنة 1960، وهي جرائم القتل القصد المعاقب عليها بالأشغال المؤقتة لمدة 15 عاما، فيما كان إدراج هذه الجريمة في قانون 2019، سببا في استفادة “هدر بعض الحقوق” في قضايا قتل عائلية، اقترنت بإسقاط الحق الشخصي، لكن التصويت النهائي للمجلس لم ينجح بتمرير هذه المطالبات وغيرها، ليجري إقرار المشروع كما ورد من الحكومة.
لكن انتقادات حقوقية أخرى، وجهت إلى مشروع القانون لشموله “جريمة التعذيب” بالعفو، بما لا ينسجم مع التزامات الأردن باتفاقية مناهضة التعذيب، وهي واحدة من الجرائم التي لا تسقط بالتقادم، وكذلك الجرائم الإلكترونية المرتبطة بالتعبير والرأي.
وقال المحامي من مركز عدالة لحقوق الإنسان سالم المفلح، إن هناك ثغرات في مشروع القانون، تتمثل بـ”التضييق” على جرائم بسيطة دون شمولها، وفي مقدمتها الجرائم المرتكبة بموجب قانون الجرائم الإلكترونية التي تتمحور حول جرائم الذم والقدح المتعلقة بالرأي والجرائم السياسية، ينما لم يستثن مشروع قانون كما ورد من الحكومة، جريمة التعذيب قائلا “إن شمول هذه الجريمة يعني الافلات من العقاب، وهذا يخالف التزامات الأردن الدولية في مناهضة التعذيب”.
وأشار المفلح، إلى خطورة شمول جرائم القتل القصد المقترنة بإسقاط الحق الشخصي، مع وجود جرائم “بشعة ارتكبت”.
وتطرق المفلح إلى ما شمله مشروع القانون من شمول جرائم الشيكات بدون رصيد، وبدون أن تقترن بإسقاط الحق الشخصي، في وقت منحت فيه تعديلات قانون العقوبات تصويب الأوضاع حتى نهاية عام 2025، وقال “هذا مأخذ قانوني واضح، لأن قضية الشيكات جزائية بني عليها التزامات، وفي حال شمول هذه الجرائم، سيذهب المتضرر إلى القضاء المدني للتعويض، وهذا لا يرتب عقوبات رادعة، وسيمس بحقوق الأفراد، بحيث تصبح عقوبة الحبس لا تتجاوز الـ90 يوما في السنة كحد أقصى”.
وأعدت منظمة “محامون بلاحدود”، ورقة موقف حول مشروع قانون العفو العام قبل إقراره من مجلس النواب، حصلت “الغد” على نسخة منها، إذ اعتبرت بأن هناك مبادئ معيارية لا بد من مراعاتها في مشاريع قانون العفو العام، مع إجراء مقارنة لسلسلة القوانين الصادرة في المملكة منذ الستينات.
وبحسب الرئيس التنفيذي لـ”محامون بلاحدود” د. صدام أبو عزام، فإن هناك معايير أساسية، منها الإشارة إلى أن إزالة صفة الإجرام من أساسها، وكذلك الإشارة إلى شمول العفو عن العقوبات بأشكالها كافة (الحبس، الغرامة، العقوبات التكديرية)، وشمول العقوبات الأصلية أم الفرعية أم التبعية، والفاعل والشريك والمتدخل والمحرض على الجرائم المشمولة، والدعوى العمومية “الجزائية” قبل اقترانها بحكم أو بعد الحكم، وشمول كافة أنواع الجرائم من مخالفات وجنايات ومخالفات، على أن تكون الاستثناءات بشكل مختصر ومبرر.
وباستعراض الاستثناءات التي وردت في قوانين العفو بين 1950 و2011، فقد تمثلت وفقا لأبو عزام، بقضايا القتل قصدا وهتك العرض بالإكراه، والتعذيب أو المقترن بجناية، والمخدرات والعقاقير، والجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي والخارجي، وجرائم التجسس.
ونوه أبو عزام، إلى أن أغلب قوانين العفو “تدرج” في بعض الجرائم تخفيض العقوبات، مثل استبدال الإعدام إلى مؤبد، والمؤبد إلى 10 سنين، وأي عقوبة أخرى حتى النصف أو الثلث، وأنه في قانون العفو العام رقم 19 لسنة 1971، قد شمل أنواع الجرائم الصادرة عن المحاكم الخاصة والعسكرية كافة.
ولفت أبو عزام أيضا، إلى أنه “لم يسبق أن جرى التوسع في الاستثناءات بهذا الكم الكبير إلا في مشروع القانون الذي أحالته الحكومة وأقره مجلس النواب، المعروض على مجلس النواب، وأن قانون العفو العام الصادر عام 2019 ونسبيا القانون الصادر عام 2011، لم يجر التوسع فيهما أيضا بحسبه، وقال “في الحقيقة يعتبر خروج عن الأصل العام والضوابط العامة التي يجب مراعاتها وفق المادة 50 من قانون العقوبات”.