سوريا.. قاعدة إيرانية مهجورة تروي نهاية سنوات من النفوذ

المنبر الحر – قبل سقوط النظام السوري في 8 ديسمبر 2024، كان النفوذ الإيراني في سوريا كبيراً، حيث احتفظت طهران بقواعد عسكرية وقوات على الأرض، وكانت داعماً رئيسياً للرئيس السابق بشار الأسد لأكثر من 10 سنوات، قبل أن تضطر إلى الانسحاب.
وألقى تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية BBC الضوء على الانسحاب السريع للقوات الإيرانية وحلفائها من هذه القواعد العسكرية، التي كانت تعتبر لسنوات رمزاً للنفوذ الإيراني في المنطقة.
قبل سقوط نظام الأسد، كانت بلدة خان شيخون بمحافظة إدلب من المواقع الاستراتيجية الرئيسية للحرس الثوري الإيراني والجماعات المتحالفة معه. وقالت BBC إن مدخل البلدة “بالكاد يُمكن رؤيته”، إذ يختبئ خلف أكوام من “الرمال والصخور”، فيما يقف برج مراقبة على قمة تلة مطلاً على القاعدة.
ويكشف دفتر إيصالات أن القاعدة تحمل اسم “موقع الشهيد زاهدي”، نسبةً إلى محمد رضا زاهدي، أحد كبار قادة الحرس الثوري الإيراني، الذي قتلته غارة جوية، قالت إيران إنها إسرائيلية استهدفت القنصلية الإيرانية بسوريا في أبريل 2024.

وأضافت BBC أن صناديق مليئة بالبصل الطازج في ساحة القاعدة بدأت الآن في الإنبات. ووصفت القاعدة بـ”متاهة من الأنفاق المحفورة في أعماق تلال صخرية بيضاء”. وتوجد أسرّة بطابقين في بعض الغرف التي تفتقر إلى نوافذ. وفي أحد الممرات، تتدلى قطعة قماش بألوان العلم الإيراني من السقف، بينما تصطف على رف صخري بضعة كتب فارسية.
وأشار التقرير إلى أن القوات التي كانت متمركزة في القاعدة تركت وراءها وثائق تحوي “معلومات حساسة”، جميعها باللغة الفارسية، تتضمن “تفاصيل شخصية عن المقاتلين، ورموز عسكرية، وعناوين المنازل، وأسماء الأزواج، وأرقام هواتفهم في إيران”.
وتكشف الأسماء أن العديد من المقاتلين “كانوا من أفراد اللواء الأفغاني، الذي شكلته إيران للقتال في سوريا”، بحسب BBC.
وأفادت مصادر مرتبطة بجماعات مدعومة من إيران لـ BBC بأن القاعدة كانت تضم في الأساس قوات أفغانية، يرافقها “مستشارون عسكريون” إيرانيون وقادتها الإيرانيون.

رحيل مفاجئ
عند انهيار النظام السوري السابق بدت إيران أنها غير مستعدة لهذه اللحظة الحاسمة، إذ وصلت أوامر بالانسحاب إلى بعض القواعد في اللحظات الأخيرة. وقال مسؤول بارز في قوة مدعومة من إيران لـBBC: “التطورات حدثت بسرعة كبيرة… الأوامر كانت أن تحمل حقيبتك وترحل”.
ونقلت BBC عن مصادر عدة مُقربة من الحرس الثوري الإيراني قولها، إن “معظم القوات اضطرت للفرار إلى العراق، في حين صدرت أوامر لبعضهم بالتوجه إلى لبنان أو القواعد الروسية ليتم إجلاؤهم من سوريا من قبل الروس”.
وفي مبنى مدرسة كان يُستخدم مقراً للقوات الإيرانية في خان شيخون، كُتبت شعارات “الموت لإسرائيل” و”الموت لأميركا” على جدار مدخل دورات المياه. وكان واضحاً أن المقر قد أُخلي على عجل. وقالت BBC إنها عثرت على وثائق مصنفة على أنها “بالغة الحساسية”.
ولا تزال السفارة الإيرانية، التي اقتحمها محتجون غاضبون عقب سقوط نظام الأسد، مغلقة.
وجاءت ردود فعل المسؤولين الإيرانيين تجاه التطورات في سوريا مختلفة، إذ دعا المرشد علي خامنئي “الشباب السوري” إلى “مقاومة” من اعتبر أنهم “جلبوا عدم الاستقرار”، فيما تبنّت وزارة الخارجية الإيرانية موقفاً متوازناً، وقالت إن طهران “تدعم أي حكومة يدعمها الشعب السوري”.
وفي إحدى أولى مقابلاته، وصف الرئيس السوري أحمد الشرع الانتصار على الأسد بأنه “نهاية للمشروع الإيراني”. ومع ذلك، لم يستبعد إقامة علاقة “متوازنة” مع طهران.