سلام ترامب وسلامنا .. فلسطين العنوان والتحدي ؟
المنبر الحر – بقلم: د. فوزي علي السمهوري
بلا أدنى شك فالرئيس الأمريكي ترامب يتمتع بقدرة عالية على فرض توجهاته وما ادل على ذلك من إرغام مجرم الحرب نتنياهو على توقيع إتفاق الهدنة ووقف مؤقت لحرب الإبادة والتطهير العرقي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وهذا النجاح يرتب عليه مسؤولية أعظم في إنجاز السلام الإقليمي في الشرق الأوسط الذي مثل عاملا رئيسا بتقويضه الإنحياز الأمريكي للكيان الإستعماري الإسرائيلي ودعمه برفض تنفيذ القرارات الدولية بإنهاء إحتلاله للأراضي العربية المحتلة باقي أرض فلسطين ” الضفة الغربية وقطاع غزة ” والجولان إثر عدوان حزيران ١٩٦٧ وتمكينه الإفلات من المساءلة والعقاب مما وضع أمريكا بمكانة المشترك والمحرض على تحد اهداف ومبادئ وميثاق الأمم المتحدة خلافا لمسؤولياتها كدولة عظمى دائمة العضوية بمجلس وتتربع منفردة على قيادة العالم لثلاث عقود .
بداية السلام بالشرق الأوسط :
تصريح الرئيس ترامب بأن إتفاق الدوحة ” الهدنة ” بداية السلام بالشرق الأوسط ، هذه بداية جيدة من البعد النظري ولكن هذا آثار عدد من التساؤلات منها :
أولا : ما هو مفهوم السلام الذي يعنيه ، هل فرض إدماج إسرائيل بإستراتيجيتها العدوانية التوسعية بالوطن العربي؟
ثانيا : هل ما يعنيه الإنتقال بالموقف الأمريكي من مربع العزلة الدولية السياسية لأمريكا الناجمة عن دعمها للجرائم الإسرائيلية المرتكبة والتي لا زالت ترتكب بعموم أراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا خاصة خلال الخمسة عشر شهرا الأخيرة على قطاع غزة إلى مربع إعمال والإلتزام بالشرعة الدولية وميثاق الأمم المتحدة دون إلتفاف على نصوص ومبادئ الميثاق والقوانين والإتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية عبر تفسيرات تتناقض ومقاصدها وفلسفتها كما تم بالتعامل على سبيل المثال مع المادة ٥١ من الميثاق التي بينت مفهوم الدفاع عن النفس ؟
ثالثا : هل يعني بتصريحه عن بداية السلام تعزيز النفوذ والهيمنة الامريكية السياسية والإقتصادية والعسكرية على الوطن العربي الكبير باقطاره لعقود قادمة عبر القوة والتقسيم على اسس مذهبية وعرقية وطائفية دون اي إعتبار لمصالح وأمن وإستقرار دوله إستباقا لولادة نظام عالمي متعدد الأقطاب ؟
رابعا : هل يعني أن الإتفاق بداية السلام بالشرق الأوسط إنهاء الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا بموجب قرار الجمعية العامة رقم ١٩ / ٦٧ / ٢٠١٢ وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقة بتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس المكفول بميثاق الأمم المتحدة وبمئات القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم وقرار محكمة العدل الدولية الذي اكد على عدم شرعية وقانونية الإحتلال الإسرائيلي أسوة بباقي شعوب العالم والذي يشكل الأساس لإقامة السلام والأمن ؟
مفهوم السلام عربيا :
بعد تصريح الرئيس ترامب بات لزاما على القيادات العربية ان تتواصل مع الرئيس ترامب وإداراته كفريق بموقف موحد للسلام المنشود وذلك عبر :
▪︎ التأكيد على الإلتزام بقرارات القمم العربية والإسلامية على مركزية القضية الفلسطينية وبأن لا سلام في المنطقة دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران ١٩٦٧ وعاصمتها القدس .
▪︎ التأكيد على الإلتزام بالمبادرة العربية الصادرة عن قمة بيروت ٢٠٠٢ والبدء بتنفيذها من الفها إلى يائها دون اي تغيير وصولا لإقامة علاقات مع ” إسرائيل ” .
▪︎ الإتفاق على جدول زمني مجدول بخطوات محددة ينتهي بفترة اقصاها تسع شهور من الآن تنفيذا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في ايلول الماضي الذي طالب إسرائيل كسلطة إحتلال غير قانوني بإنهاء إحتلالها للضفة الغربية وقطاع غزة خلال مدة اقصاها ١٢ شهرا من بداية صدور القرار بالثامن عشر من ايلول ٢٠٢٤ .
▪︎ التأكيد على أن فرض اي حلول إستنادا لإعمال مبدأ القوة مآله الفشل فإرادة الشعوب والشعب الفلسطيني طليعة الشعب العربي بالنضال من أجل الحرية والإستقلال وإقامة دولته المستقلة ستبقى مشتعلة مهما بلغ حجم المؤامرات والتفاوت بموازين القوى العسكرية .
▪︎ التأكيد على الإلتزام بالأمن القومي العربي بمفهومه الشامل وما يعنيه من رفض عملي لإستهداف أمن وإستقرار اي دولة عربية .
ترامب رجل الصفقات :
الرئيس ترامب عرف عنه رجل الصفقات وهذا ما يسعى لتطبيقه كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية بعالم السياسة وهذا غير مضمون النجاح وخاصة بالتعامل مع الدول التي تتمتع بقوة عسكرية كروسيا والصين فيما يخص الحرب باوكرانيا بينما يمكن أن تنجح مؤقتا بإرغام دول متوسطة القوة او ضعيفة عسكريا عبر إستخدام سلاح التدمير كما حصل في غزة وجنوب لبنان ولكن عندئذ لن يحقق أهدافه ومصالحه على المدى الطويل .
طبقا لذلك يستدعي من قادة الدول العربية التعامل مع ترامب بالاسلوب واللغة التي يتبعها اي لغة المصالح والمكاسب والمتابع للشؤون السياسية والإسترتيجية من دول ومراكز ابحاث وخبراء يخلص وعلى ضوء ما صرح به منذ اللحظة الأولى لدخوله البيت الأبيض أن مصالحه السياسية والإقتصادية والإستراتيجية لدى الدول العربية والتي بدونها تعني تراجع وتقهقر النفوذ والمصالح الأمريكية على الساحة العالمية اي بكلمات بسيطة تفوق المصالح العربية لدى أمريكا بفارق كبير .
سلام ترامب وسلامنا :
سلام ترامب وفق المؤشرات يعني :
☆ إخضاع الدول العربية للإرادة الأمريكية .
☆ إدماج إسرائيل بالوطن العربي دون إنهاء إحتلالها للاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة .
☆ إسقاط حق العودة للاجئين الفلسطينيين والقبول بإنهاء عمل الاونروا قبل حل قضية اللاجئين وفق القرار ١٩٤ .
☆ الإعتراف بإسرائيل على كامل مساحة فلسطين التاريخية وتحويل الشعب الفلسطيني من شعب يناضل من أجل الحرية والإستقلال وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس إلى قضية إنسانية معيشيشة .
☆ توظيف الإمكانيات والقدرات العربية لصالح أمريكا ترغيبا وترهيبا .
سلامنا : اما السلام الذي نريده يعني :
■ ترسيخ وتجسيد السيادة الفعلية العربية لمصالحنا القطرية والقومية .
■ التعامل مع الدول العربية كقطب مستقل لاعب على الساحة العالمية وليس الإستفراد بكل دولة على حدى تجسيدا للقول فرق تسد .
■ إنهاء الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي للاراضي العربية المحتلة بدءا من أراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا .
■ بناء العلاقة العربية الأمريكية على قاعدة تبادل المصالح بإتجاهين .
■ الشعب الفلسطيني جزء لا يتجزأ من الشعب العربي وبالتالي حقوقه حق رئيس من حقوق الشعب العربي وحريته وإستقلاله ضمان لأمن ووحدة وحرية وإستقلال الوطن العربي الكبير باقطاره .
■ إعلاء سمو الشرعية الدولية على ما عداها من إعتبارات ورفض الإزدواجية والإنتقائية الأمريكية بالتعامل مع القضايا العربية وخاصة الفلسطينية .
■ ضمان الإعتراف بالدولة الفلسطينية عضوا عاملا بالأمم المتحدة .
فليتوحد الموقف العربي أمام محاولات ترامب وإدارته بفرض رؤيته وبإدماج إسرائيل في قلب الوطن العربي دون التخلي عن سياستها العدوانية وإنهاء إحتلالها وتنفيذها القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية والقضايا العربية وفرض أمننا ومصالحنا دفاعا عن سيادتنا .
الوطن العربي امام محطة فاصلة إما القوة و الحرية والإستقلال والسيادة وإما الضعف والتبعية … فلسطين العنوان والتحدي والبوصلة ….؟
_____________________
www.almenberalhor.com