الشرق الأوسط بين نار ترامب ودبلوماسية القوة: الطريق إلى الهاوية أو السلام؟

المنبر الحر – بقلم: د. عوني الرجوب ( الكاتب والباحث السياسي)
في عام 2025، عاد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في فترة رئاسية ثانية، حيث حمل معه إرثًا سياسيًا معقدًا في منطقة الشرق الأوسط. لم يكن العودة مجرد استمرارية للسياسات السابقة، بل تجديد للولاء الأمريكي التقليدي لإسرائيل، مما جعل المنطقة على شفا تصعيد جديد.
السؤال الذي يطرح نفسه: هل سيقود ترامب المنطقة إلى حرب إقليمية شاملة أم أنه سيساهم في تحقيق تسوية دبلوماسية تاريخية؟
منذ بداية فترته الرئاسية الثانية، وضع ترامب دعم إسرائيل على رأس أولوياته، لم يكن هذا التحول مفاجئًا، لكنه جاء في وقت بالغ الحساسية للشرق الأوسط.
ترامب الذي سبق وأن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس في سابقة تاريخية، يجد نفسه الآن في مواجهة تصعيد خطير على جبهة غزة، حيث تزايدت الهجمات العسكرية الإسرائيلية على القطاع الفلسطيني تحت ذريعة مكافحة الإرهاب. في هذا السياق، كانت الولايات المتحدة تقدم الدعم الكامل لإسرائيل، مما جعل المنطقة قابلة للانفجار في أي لحظة.
في مارس 2025، بلغت التوترات ذروتها بعد احتجاز عدد من الرهائن الإسرائيليين من قبل حركة حماس. كان رد ترامب سريعًا، حيث هدد بتكثيف العمليات العسكرية، بل وأعلن إرسال مساعدات عسكرية ضخمة لإسرائيل. تصريحات ترامب تسببت في تساؤلات حول نوايا الولايات المتحدة في المنطقة: هل هي مجرد ممارسة للقوة، أم أن ترامب يستعد لجعل الصراع أكثر تعقيدًا؟
حماس: الصمود في وجه الآلة العسكرية أم الاستسلام؟
من جهة أخرى، يواجه الفلسطينيون، وبخاصة حركة حماس، تحديات كبيرة في مواجهة الضغوط العسكرية والسياسية، الحركة، التي أسست على مقاومة الاحتلال، تجد نفسها في موقف صعب أمام الحملة العسكرية المدعومة من الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من الضغوط، ترفض حماس الاستسلام، وتصر على مواصلة المقاومة دفاعًا عن حقوق الشعب الفلسطيني، إلا أن التطورات الحالية قد تدفع الحركة إلى اتخاذ مواقف جديدة قد تكون حاسمة، هل ستحقق حماس نصرًا استراتيجيًا في صراعها، أم ستضطر إلى التوصل إلى تسوية تقبل بضعف قوتها العسكرية والسياسية؟
إيران وتركيا: لاعبان إقليميان في قلب المعركة
لا يمكن تجاهل الدور المؤثر لكل من إيران وتركيا في هذا الصراع. فإيران التي تقدم الدعم العسكري والمالي لحركات المقاومة الفلسطينية، تسعى إلى الحفاظ على توازن استراتيجي في المنطقة، وهو ما يضعها في مواجهة مع إسرائيل وحلفائها. من ناحية أخرى، تسعى تركيا إلى تجنب التصعيد المباشر مع إسرائيل، مع تبنيها سياسة أكثر مرونة، حيث تركز على الوساطة السياسية مع دعمها لحركة حماس سياسيًا.
النفوذ الإيراني والتركي في المنطقة قد يؤدي إلى تصعيد إضافي في النزاع، حيث يسعى كل منهما إلى فرض سيطرته على المنطقة من خلال حلفائه المحليين. ويشكل ذلك معركة متعددة الأطراف، حيث تتداخل المصالح الإقليمية مع الاستراتيجيات الكبرى للقوى العظمى.
السيناريوهات المحتملة: حرب شاملة أم تسوية سلمية؟
مع تصاعد التوترات العسكرية في غزة، يبقى التساؤل حول المسار الذي ستسلكه الأحداث: هل سيتم التصعيد إلى حرب إقليمية شاملة، أم ستحقق القوى الكبرى تسوية سلمية تعيد الاستقرار إلى المنطقة؟
الولايات المتحدة، التي تتبنى سياسة دعم غير مشروط لإسرائيل، قد تجد نفسها في موقف صعب إذا استمرت التوترات في التصاعد. في المقابل، تتزايد الدعوات من بعض الدول العربية والمجتمع الدولي إلى ضرورة البحث عن حلول دبلوماسية من شأنها تجنب انفجار شامل في المنطقة.
إن التحديات التي يواجهها ترامب، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، تتطلب منه اتخاذ قرارات حاسمة قد تكون لها تبعات ضخمة على الأمن الإقليمي والدولي. فكل خطوة قد تؤدي إلى تداعيات كارثية في حال تصاعد الصراع، أو قد تفتح أبوابًا جديدة للسلام في حال تم التوصل إلى تفاهمات جديدة.
دور الأردن ومصر في تحريك عملية السلام
الأردن ومصر يلعبان دورًا حيويًا مهما في محاولة تهدئة الوضع المتفجر بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية.
فالأردن، بصفته الوصي على الأماكن المقدسة في القدس، يتبنى سياسة دعم حقوق الفلسطينيي، ويعتبر أن أي تسوية يجب أن تضمن هذه الحقوق ورفض مبدأ التهجير برمته ولن يقف متفرجا لما يجري على الساحة الفلسطينيه ان ما استمر التصعيد الإسرائيلي.
وكان موقف جلالة الملك واضح وصريح في دعم القضية الفلسطينية، أما مصر، فقد نجحت في لعب دور الوسيط بين الأطراف المتنازعة، ورفضت التهجير مما جعلها على اهبة الاستعداد لاي محاولة اسرائيلية تستهدف مصر محاولًة تقليل التصعيد وتحقيق وقف لإطلاق النار، ومع ذلك، يبقى تأثيرهما محدودًا في مواجهة الضغوط الأمريكية والإسرائيلية
مفترق طرق حاسم للمنطقة
اليوم، يقف الشرق الأوسط عند مفترق طرق، ففي الوقت الذي تعزز فيه الولايات المتحدة من دعمها لإسرائيل، تتزايد احتمالات التصعيد العسكري في غزة.
إن السيناريوهات المستقبلية التي ستعقب هذا التصعيد ستكون فاصلة في تحديد مصير المنطقة، إذا استمرت التوترات في التصاعد، فإن المنطقة قد تشهد حربًا إقليمية شاملة تؤدي إلى تغيير في موازين القوى.
أما إذا تم التوصل إلى تسوية دبلوماسية، فقد تكون هذه فرصة نادرة لتحقيق السلام، وكل قرار يتخذ الآن سيلعب دورًا محوريًا في تحديد ملامح المستقبل السياسي والأمني في الشرق الأوسط.