الدويري لـ “المنبر الحر”: عدم استقرار سوريا سيجعل المنطقة في “مهب الريح” .. والأردن الأكثر تأثرا بأزمتها
مخاوف دول الجوار .. هل يقود الاستقرار في سوريا إلى شرق أوسط أكثر أمنا؟

● العناني: سوريا تواجه منذ 14 عامًا حربًا أهلية .. والملك عبدالله الثاني لن يسمح بعودة الفوضى إلى سوريا
● الحلالمة: ما يحدث في سوريا هو جزء من مرحلة التحول السياسي وإعادة تشكيل النظام
المنبر الحر – خاص – محرر الشؤون السياسية
تصاعدت حدة التوترات في سوريا بعد الاشتباكات العنيفة التي شهدتها البلاد خلال الأيام الماضية، حيث أكد الرئيس السوري أحمد الشرع أن عمليات القتل التي استهدفت أفرادًا من الطائفة العلوية تشكل تهديدًا مباشرًا لجهوده في تحقيق المصالحة الوطنية ولمّ شمل البلاد بعد سنوات من الحرب.
وتأتي هذه التطورات بعد أربعة أيام من الاشتباكات بين مجموعات من الطائفة العلوية وقوات الأمن السورية، ما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى، ولا يزال التوتر قائمًا وسط دعوات إلى ضبط النفس وتجنب التصعيد.
وفي تطور لافت، تم توقيع اتفاقية بين الجنرال مظلوم عبدي، القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والرئيس السوري أحمد الشرع، تقضي بدمج قوات “قسد” في القوات المسلحة السورية، ويُعد هذا الاتفاق خطوة هامة في إطار الجهود المبذولة لتعزيز وحدة البلاد وإعادة بناء الجيش تحت مظلة وطنية موحدة.
ويرى مراقبون أن هذه الاتفاقية قد تسهم في تهدئة التوترات بين الحكومة السورية والقوى الكردية، لكنها في الوقت ذاته قد تثير ردود فعل متباينة، سواء على الصعيد الداخلي أو الإقليمي، لا سيما مع استمرار التوترات في الشمال السوري ووجود أطراف دولية لها مصالح في الملف السوري.
الدويري: سوريا تمثل “حجر الزاوية” في استقرار الإقليم

وفي هذا الصدد، قال الخبير العسكري اللواء فايز الدويري في تصريح خاص لـ “المنبر الحر” إن سوريا تمثل “حجر الزاوية” في استقرار الإقليم، نظرًا لموقعها الجغرافي المحاط بدول رئيسية، فضلًا عن الأطماع الإسرائيلية المستمرة في المنطقة.
وأشار الدويري إلى أن رئيس الأركان الإسرائيلي تحدث صراحة عن ضرورة السيطرة على سوريا والأردن، معتبرًا أن سوريا تشكل ممرًا استراتيجيًا نحو العراق وكردستان العراق، ولفت إلى أن استمرار عدم استقرار سوريا سيجعل المنطقة في “مهب الريح”، لاسيما في ظل التحديات التي تواجهها من الجانب الإسرائيلي من جهة، والأطماع الإيرانية من جهة أخرى.
ونوه الدويري إلى أن الأردن عانى خلال السنوات الـ 14 الماضية من تداعيات الوضع غير المستقر في سوريا، حيث كان الجيش الأردني في حالة تأهب دائم لمواجهة تهريب المخدرات والأسلحة عبر الحدود، مما انعكس بشكل كبير على الأمن الوطني الأردني.
الأردن عانى خلال السنوات الـ 14 الماضية من تداعيات الوضع غير المستقر في سوريا، حيث كان الجيش الأردني في حالة تأهب دائم لمواجهة تهريب المخدرات والأسلحة عبر الحدود
الخبير العسكري اللواء فايز الدويري لـ “المنبر الحر”
وشدد الدويري على ضرورة أن يسعى الأردن بكل إمكاناته لتثبيت وتحقيق الاستقرار في سوريا، مشيرًا إلى أن الاجتماع الخماسي الذي عُقد يوم الأحد الماضي والمؤتمر الصحفي الذي تلاه، عكس مخاوف دول الجوار، وخصوصًا الأردن وتركيا بشأن أهمية استقرار سوريا.
الدويري: الاتفاق بين الشرع و “قسد” .. بارقة أمل

على صعيد متصل، تطرق الدويري إلى الاتفاق الذي جرى بين قوات “قسد” والرئيس أحمد الشرع، واصفًا إياه بأنه “بارقة أمل”، نظرًا لأهمية هذه القوات التي تسيطر على 27% من الجغرافيا السورية، وهي مناطق غنية بالثروات المائية والغاز والنفط والمعادن النادرة.
وأوضح الدويري أن هذه المنطقة – رغم غالبيتها العربية – تسيطر عليها قوات “قسد” بدعم أمريكي، مشيرًا إلى أن الاتفاقية قد تساهم في ولادة سوريا جديدة وتوفر بيئة مستقرة لجميع مكوناتها تحت دستور يكفل المساواة والمواطنة.
الاتفاق بين الشرع و “قسد” قد يساهم في ولادة سوريا جديدة وتوفير بيئة مستقرة لجميع مكوناتها تحت دستور يكفل المساواة والمواطنة
الخبير العسكري اللواء فايز الدويري
وفي ختام حديثه، أكد الدويري أن الأردن يرى في استقرار سوريا مصلحة استراتيجية عليا، وهو ما يدفعه ليكون من أبرز الداعين إلى رفع العقوبات عن دمشق، بما يمكنها من مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية، وتعزيز قدرتها على مكافحة الإرهاب وضبط الحدود، وصولًا إلى بناء دولة قوية تضم جميع مكونات المجتمع السوري تحت مظلة المواطنة والمساواة.
العناني: هناك بوادر إيجابية بدأت تظهر في سوريا لاستعادة توازنها .. والأجندات الخفية تسعى للسيطرة

من جانبه، قال الوزير الأسبق د. جواد العناني في تصريح خاص لـ “المنبر الحر” إن سوريا منذ 14 عامًا تواجه حربًا أهلية، وإن عدم استقرارها يؤدي إلى عدم استقرار المنطقة بأكملها.
وأشار إلى أن هناك بوادر إيجابية بدأت تظهر في سوريا لاستعادة توازنها، مضيفا ” هناك أجندات خفية، خصوصا من ناحية إسرائيل، التي تسعى إلى فرض سيطرتها على مناطق جنوب سوريا وتحديدا في الجولان، تحت ذريعة الحماية”.
هناك أجندات خفية في سوريا خصوصا من ناحية إسرائيل التي تسعى إلى فرض سيطرتها على مناطق جنوب سوريا وتحديدا في الجولان تحت ذريعة الحماية
الوزير الأسبق د. جواد العناني
ولفت العناني إلى الدور التركي، معربًا عن أمله بأن تتجه تركيا نحو دور إيجابي في استقرار سوريا، نظرًا للمصالح الاقتصادية المشتركة، مثل عودة اللاجئين وتنشيط التجارة، بما في ذلك إعادة تشغيل طريق ترانزيت النفط وتوسيع العمل في معبر جابر الحدودي.
ونوه إلى أن المؤتمر الذي عُقد في العاصمة عمّان مؤخرًا حظي باهتمام جلالة الملك عبد الله الثاني، حيث التقى جلالته بالوزراء الحاضرين وأكد على تعاون الجانب السوري، وفقًا لما أعلنه آنذاك وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي.
ولفت العناني إلى تأكيد الملك على أن الأردن لن يسمح بعودة الفوضى إلى سوريا وذلك حفاظًا على أمنه واستقراره، لا سيما في مواجهة تهريب المخدرات والأسلحة.
الملك عبدالله الثاني لن يسمح بعودة الفوضى إلى سوريا وذلك حفاظًا على أمن الأردن واستقراره، لا سيما في مواجهة تهريب المخدرات والأسلحة
الوزير الأسبق د. جواد العناني
الحلالمة: التحدي الأكبر الذي تواجهه سوريا حاليا يتمثل في “التهديدات الخارجية”

بدوره، قال أستاذ العلوم السياسية د. الحارث الحلالمة إن ما يحدث في سوريا هو جزء من مرحلة التحول السياسي وإعادة تشكيل النظام، حيث يسعى بعض المنتفعين من النظام السابق إلى التأثير على استقرار البلاد.
وأكد الحلالمة في تصريح خاص لـ “المنبر الحر” على أن استقرار سوريا سينعكس إيجابًا على الأردن، خاصة فيما يتعلق بضبط الحدود والحد من تجارة المخدرات والأسلحة.
وشدد على أن اجتماع عمّان الذي عُقد يوم الأحد بين دول جوار سوريا أكد على أهمية استقرار سوريا كعامل رئيسي لاستقرار المنطقة، مضيفًا أن الدول المشاركة اتفقت على دعم إعادة إعمار سوريا، والتأكيد على وحدتها وسيادتها، وإدانة الاعتداءات الإسرائيلية.
وبيّن أنه تم الاتفاق على دعم مخرجات لجنة الحوار ولجنة الدستور، لضمان تمثيل جميع فئات المجتمع السوري، ومكافحة الإرهاب، خاصة تنظيم داعش، عبر إنشاء غرفة عمليات لتبادل المعلومات الأمنية.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن التحدي الأكبر الذي تواجهه سوريا في الوقت الراهن يتمثل في التهديدات الخارجية، ومنها المخططات الإسرائيلية الرامية إلى التدخل عسكريًا في سوريا بذريعة حماية الدروز، وكذلك محاولات بعض الدول مثل إيران، لاستغلال الأزمة السورية لتحقيق مصالحها التوسعية.
التحدي الأكبر الذي تواجهه سوريا حاليا يتمثل في التهديدات الخارجية، ومنها المخططات الإسرائيلية الرامية إلى التدخل عسكريًا في سوريا بذريعة حماية الدروز
أستاذ العلوم السياسية د. الحارث الحلالمة
استقرار سوريا الجديدة ضرورة .. ولكن؟
بالمحصلة، تُظهر التطورات الأخيرة في سوريا مدى تعقيد المشهد السياسي والأمني في المنطقة، حيث تتداخل التحديات الداخلية مع التدخلات الخارجية، مما يجعل تحقيق الاستقرار هدفًا استراتيجيًا لدول الجوار، خاصة الأردن.
وبينما يشكل الاتفاق بين الحكومة السورية وقوات “قسد” خطوة نحو إعادة توحيد البلاد، لا تزال هناك مخاوف إقليمية بشأن تأثيراته المستقبلية.
وفي ظل استمرار الأطماع الإسرائيلية والتدخلات الإقليمية، يبقى استقرار سوريا ضرورة ملحّة لضمان الأمن الإقليمي، وهو ما يتطلب جهودًا سياسية ودبلوماسية متواصلة، إضافة إلى تعاون دولي يضمن وحدة سوريا ويعزز فرص إعادة إعمارها.