الأردنيون في خندق الوطن مع الملك: قرارات ترامب “الاستفزازية” تصطدم بحصن السيادة والثوابت الوطنية
محللون لـ "المنبر الحر": قرار ترامب بوقف المساعدات لن ينعكس سلبا على الأردن
● العناني: يجب اتخاذ التدابير اللازمة وتقديم البدائل لمواجهة تداعيات قرار تجميد المساعدات الأمريكية
● المعايطة: هناك مذكرة تفاهم واتفاقيات حول تقديم المساعدات الأمريكية للأردن للسنوات المقبلة
● الصعوب: الاتصال الهاتفي بين جلالة الملك وترامب يحمل رسائل “تطمين” للشعب الأردني
● السمهوري: سياسة ترامب استفزازية ومعادية، والموقف الأردني الثابت يتجسد بالتنديد بحرب الإبادة التي شنها الكيان الإسرائيلي على غزة
● الريالات: المساعدات الأمريكية للأردن تم إقرارها بموجب اتفاقيات بين البلدين وتنتهي عام 2029
● الطراونة: الأردن دولة مؤسسات ولن يتوقف مستقبل اقتصاده على قرار تجميد المساعدات الأمريكية
● الشقران: التنسيق بين الإدارة الأمريكية وجلالة الملك عبدالله الثاني مستمر، وعلاقة الأردن مع أمريكا “ثابتة”
● الجغبير: هناك اتفاقيات بين الأردن وأمريكا تمتد لـ 7 سنوات .. وتصريحات ترامب عن وقف المساعدات “ورقة ضغط”
المنبر الحر – محرر الشؤون السياسية
لأول مرة منذ نكبة عام 1948، بدأ النازحون من شمال قطاع غزة اليوم بالعودة إلى منازلهم، حاملين الأمل في العثور على ما تبقى من ممتلكاتهم، والبحث عن أحبائهم الذين فقدوا قبل نحو 15 شهراً تحت الأنقاض وبين الركام.
هذا المشهد جسّد مظاهر النصر والصمود، وعكس الروح المعنوية العالية للشعب الفلسطيني المتمسك بوطنه وأرضه رغم التحديات، كيف لا؟ وقد دفع الفلسطينيون ثمناً باهظاً رفضاً للتهجير والوطن البديل، مؤكدين أن الإصرار على الحقوق الوطنية هو خيار لا بديل عنه.
لكن وبالتزامن مع صمود أهل غزة أمام حرب دامية وغير إنسانية شنها عليهم الاحتلال الإسرائيلي، أطل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي لم يمضِ سوى بضعة أيام على دخوله البيت الأبيض، بطرح خطة وصفت بـ “الاستفزازية” لتطهير غزة، قائلاً إنه يسعى لدفع مصر والأردن إلى إخراج الفلسطينيين من القطاع، في محاولة لتحقيق ما سماه “السلام في الشرق الأوسط”.
وكعادته، وفي إطار سياسته المزدوجة “الكيل بمكيالين” يسعى ترامب إلى تهجير الفلسطينيين من أرضهم، بينما يمطرنا بوابل من القرارات التي يدّعي أنها “تخدم مصالح شعبه”، أبرزها الحد من دخول المهاجرين إلى الولايات المتحدة، إيقاف التصاريح الممنوحة لهم، ووقف المساعدات الخارجية الأميركية الجديدة والقائمة لمعظم الدول، باستثناء إسرائيل ومصر.
هذه القرارات أثارت موجة من التساؤلات في الأوساط الأردنية، حيث اعتبر البعض أن هذه الخطوات قد تكون مؤشراً على توجه الرئيس ترامب لاستخدام الأدوات الاقتصادية كوسيلة لتنفيذ أجنداته السياسية.
ولعل السؤال الأبرز الذي يطرح نفسه هنا: هل سيلجأ ترامب إلى وقف المساعدات الممنوحة للأردن كورقة ضغط لتطبيق فكرة الوطن البديل للفلسطينيين؟، “المنبر الحر” تسلط الضوء عن كثب على هذا الموضوع في التقرير التالي:
اتصال الملك وترامب .. رسائل إيجابية مطمئنة
في إطار دبلوماسيته “المعهودة” أجرى جلالة الملك عبدالله الثاني اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتهنئته بتنصيبه رئيساً للولايات المتحدة، وقد تخلل الاتصال، وفقاً لما أشار إليه ترامب، مناقشة مسألة نقل أشخاص من غزة إلى الأردن ومصر بشكل “مؤقت أو طويل الأجل”.
ويرى المحللون أن هذا الاتصال جاء تأكيداً على عمق العلاقات المتينة بين البلدين، وتعزيزاً للشراكة الاستراتيجية في شتى المجالات، مع التأكيد على موقف جلالته الثابت برفض فكرة الوطن البديل وتهجير الفلسطينيين من أرضهم.
لاءات ثلاث أطلقها الملك لدعم القضية الفلسطينية
وفي هذا الصدد، لابد من الإشارة إلى الـ “لاءات” الثلاث التي أطلقها الملك عبدالله الثاني في وجه المخططات الأمريكية الإسرائيلية، متمثلة في “كلا للتوطين، كلا للوطن البديل، والقدس خط أحمر”، هذا الثالوث شكّل قاعدة ثابتة وميثاقاً يعتبر سداً منيعاً أمام جميع سيناريوهات ترحيل وتهجير الفلسطينيين من أرضهم.
الـ “لاءات” الثلاث التي أطلقها جلالة الملك تشكّل قاعدة ثابتة وميثاقاً يعتبر سداً منيعاً أمام جميع سيناريوهات ترحيل وتهجير الفلسطينيين من أرضهم
وفي جميع المحافل الدولية والعربية، استطاع الملك عبدالله الثاني ترسيخ دور الأردن المحوري والاستراتيجي في الدفاع عن القضية الفلسطينية، التي كانت ولا تزال أولوية هاشمية، فالدعم الهاشمي واضحاً وجلياً في جميع الأزمات التي مرت بها القضية الفلسطينية، وآخرها حرب الإبادة التي شنها الاحتلال ضد سكان قطاع غزة، وفي إطار الجهود الملكية، تم تقديم العديد من المساعدات الإنسانية لأهالي غزة من خلال الإنزالات الجوية التي نفذتها القوات المسلحة الأردنية.
وفي هذا السياق، كثف جلالة الملك عبدالله الثاني لقاءاته مع قادة الدول وشخصيات سياسية للتأكيد على ضرورة التحرك الدولي لإنهاء معاناة أهل غزة ووقف الكارثة الإنسانية هناك.
وأكد جلالته دعم الأردن الدائم لصمود الأشقاء الفلسطينيين في الضفة الغربية، ووقوفه إلى جانبهم حتى ينالوا حقوقهم الكاملة والمشروعة، مشدداً على رفض الأردن للإجراءات التي تقوم بها سلطات الاحتلال من اعتداءات على الفلسطينيين وحقوقهم في الضفة الغربية، بما فيها القدس.
كما وقف الأردن أيضاً بكل صلابة في وجه الظلم الذي يتعرض له سكان الضفة الغربية، وعمل بشكل مستمر على إرسال المستشفيات الميدانية، إلى جانب رعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، استناداً إلى الوصاية الهاشمية عليها.
الصفدي: الأردن للأردنيين .. وفلسطين للفلسطينين
وفي ذات السياق، أكد وزير الخارجية أيمن الصفدي، خلال جلسة أمام مجلس النواب اليوم، أن ثوابت الأردن الوطنية واضحة ومرتكزة على حماية مواطنيه، مشددًا على أن “الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين” وأن مبدأ رفض التهجير ثابت ولن يتغير.
وأكد الصفدي في تصريحات أمس جاءت ردًا على ما قاله الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بنقل أكثر من مليون شخص من سكان قطاع غزة إلى الأردن ومصر، على ثبات موقف الأردن الرافض لتهجير الفلسطينيين.
ترامب يصف نفسه بـ “المجنون” .. فهل تُؤخذ قراراته على محمل الجد؟
على صعيد متصل، بدأ دونالد ترامب بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية الأمريكية لولاية ثانية، بإطلاق تصريحات مثيرة للجدل، تضمنت تهديدات علنية باحتلال دول مثل الدنمارك وكندا.
وبعد توليه منصب الرئاسة رسميًا، أصدر سلسلة من القرارات التي أثارت جدلًا واسعًا على الساحة الدولية، أبرزها قراره بتعليق المساعدات الإنسانية المقدمة للدول المستفيدة لمدة 90 يومًا، إضافة إلى حديثه عن ضرورة إعادة توطين سكان غزة والضفة الغربية في مصر والأردن.
ويرى المحللون أن قرار تجميد المساعدات الأمريكية ليس إلا وسيلة ضغط تستهدف بعض الدول، خاصة وأن ترامب كشف سابقًا عن خطة أمريكية-إسرائيلية تهدف إلى توسيع مساحة إسرائيل، وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تهجير سكان الضفة الغربية وقطاع غزة.
وفي تصريح لافت، أوضح ترامب استراتيجيته في العمل السياسي قائلاً: “عدم القدرة على التنبؤ هو أسلوبي”، واصفًا نفسه بـ “المجنون”.
كما تجدر الإشارة إلى أن هذه الاستراتيجية ليست جديدة في سياسة ترامب، إذ استخدمها خلال ولايته الأولى كورقة ضغط سياسية، لكنها لم تحقق الأهداف المرجوة منها.
حماس تثمن الموقف الأردني “الأصيل”
بدورها، علقت حركة حماس على موقف الأردن من تهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة، بعد تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول الضغط على الأردن من أجل استقبال “المزيد من اللاجئين الفلسطينيين”.
وقالت الحركة؛ إنها “تثمن الموقف الأصيل للمملكة الأردنية الهاشمية، الرافض لتهجير شعبنا الفلسطيني، أو تشجيع نقله أو اقتلاعه من أرضه تحت أية ذريعة أو مبرر”.
العناني: يجب اتخاذ التدابير وتقديم البدائل لمواجهة تداعيات قرار تجميد المساعدات الأمريكية
من جانبه، قال نائب رئيس الوزراء الأسبق الدكتور جواد العناني في تصريح خاص لـ “المنبر الحر” إن المساعدات الأمريكية المقدمة للأردن تقدر بمليارات الدولارات، وأهمها الدعم المخصص للموازنة العامة، الذي تم تقديم جزء منه في شهر كانون الأول من العام الماضي.
وأشار العناني إلى أن تطبيق تجميد المساعدات قد يدخل حيز التنفيذ في عام 2026، ما قد يؤدي إلى تبعات سلبية مثل رفع العجز وزيادة المديونية.
وفيما يتعلق بزيادة المديونية، بيّن العناني أن هذه الانعكاسات ستؤثر على تقييم أهلية الأردن للاقتراض من المؤسسات الدولية المتخصصة في التقييم والتصنيف الائتماني، مما سيؤدي إلى رفع كلفة الاقتراض ويصعب من آلية تسديد الديون.
وأضاف قائلاً: “لا يمكن التنبؤ بما سيقوم به ترامب في المستقبل، ولا يُعلم إن كان سيقف عند هذا الحد أم لا”،
وفيما يتعلق بتداعيات رفض استقبال اللاجئين الفلسطينيين، أشار العناني إلى أن ترامب قد يتجه إلى رفع التعرفة الجمركية ضمن “اتفاقية التجارة الحرة”، كما قد يقوم بتجميد الاستثمارات الأمريكية في الأردن.
وأكّد العناني على ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة وتقديم البدائل لمواجهة تداعيات قرار التجميد، مشدداً على أهمية تعزيز التعاون مع دول الخليج، خاصة المملكة العربية السعودية، وإعداد خطط وطنية لتحديد الأولويات الوطنية، وأضاف قائلاً: “يجب تقديم الدعم للشعب الفلسطيني لتعزيز صموده في أرضه”.
العناني: لا يمكن التنبؤ بما سيقوم به ترامب في المستقبل، ولا يُعلم إن كان سيقف عند هذا الحد أم لا
وأشار العناني إلى أن جلالة الملك قد أجرى اتصالًا مع رئيس مجلس الأمن القومي الأمريكي، ومن ثم اتصالًا مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهي خطوات تأتي في إطار المبادرة للتعامل مع القرار.
واختتم العناني بقوله: “يجب إعادة تحديد أولويات الإنفاق على المستوى الحكومي والأفراد، والعمل على توجيه الإنفاق نحو الاستثمار الأكثر فاعلية، وتعزيز التماسك السياسي في المجتمع الأردني”.
المعايطة: هناك مذكرة تفاهم حول تقديم المساعدات الأمريكية للأردن للسنوات المقبلة
وفي هذا الصدد، قال وزير الإعلام الأسبق د. سميح المعايطة لـ “المنبر الحر” إن قرار وقف المساعدات الأمريكية لا يخص الأردن فقط، بل يشمل جميع الدول لمدة 90 يومًا، بهدف إعادة تقييم المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة للدول.
وأشار المعايطة إلى أن الرئيس الأمريكي استثنى مصر وإسرائيل لأسباب معينة، بينما شمل القرار باقي الدول، ومع ذلك، لا يمكن اعتبار هذا القرار دائمًا، حيث أن المساعدات تتضمن مذكرة تفاهم موقعة في ولاية الرئيس ترامب السابقة، والتي تضمن تقديم المساعدات لعدة سنوات، ولذلك، يمكن التعامل مع هذا الإجراء في إطار زمني مؤقت.
وأوضح المعايطة أن القرار يتضمن تعليق دفعة من المساعدات لمدة ثلاثة أشهر، حيث توجد مبالغ مالية مستحقة للخزينة الأردنية من المساعدات الأمريكية مع بداية العام.
وأضاف قائلاً: “نأمل أن يكون القرار مؤقتًا، وأن يكون مرتبطًا بإعادة تقييم مسار المساعدات الأمريكية لدول العالم، وليس لأسباب أخرى”.
المعايطة: نأمل أن يكون القرار مؤقتًا وأن يكون مرتبطًا بإعادة تقييم مسار المساعدات الأمريكية لدول العالم، وليس لأسباب أخرى
وأكد المعايطة أن الدبلوماسية الأردنية، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، ستبذل جهدًا كبيرًا لضمان عدم تأثير هذا القرار بشكل سلبي على الأردن، والعمل على معالجة تبعاته.
وفيما يتعلق بالآثار الاقتصادية للقرار، بين المعايطة أنه يتم التعامل مع القرار بكل تفاصيله وحجمه، وليس بشكل عام، وإذا كانت المدة التي جُمّدت فيها المساعدات تتضمن دفعات مالية، فإنه عند انتهاء مدة القرار سيتم إرسال هذه المساعدات وفقًا للجدولة المعدة بعد انتهاء فترة التجميد.
الصعوب: الاتصال الهاتفي بين جلالة الملك وترامب يحمل رسائل “تطمين” للشعب الأردني
بدوره، قال وزير النقل الأسبق حسين الصعوب في تصريح لـ “المنبر الحر” إن العلاقات الأردنية الأمريكية هي علاقات تاريخية، تمتد من عمر المملكة، حيث كانت الروابط بين الدولتين قائمة منذ عهد الملك الراحل الحسين واستمرت في عهد الملك عبد الله الثاني، مما يجعل من الصعب تفكيك هذه العلاقات.
وفيما يتعلق بتجميد المساعدات الأمريكية المقدمة للأردن، أشار الصعوب إلى أن هذه التبعات ليست سهلة ولا يمكن التغاضي عنها، وأنها تأتي في سياق السياسات المستقبلية للولايات المتحدة.
كما لفت إلى أن الاتصال الهاتفي بين جلالة الملك وترامب يحمل رسائل طمأنة للشعب الأردني، مؤكدًا أن الأردن بلد مستقر وأنه ليس من مصلحة أي طرف زعزعة أمنه واستقراره.
الصعوب: جلالة الملك يعتبر لاعبًا رئيسيًا في السياسة الدولية وفي منطقة الشرق الأوسط، والأردن يتمتع بعلاقات قوية مع المؤسسات الأمريكية
واختتم الصعوب حديثه بالقول إن العلاقة الأردنية الأمريكية استراتيجية، لافتا إلى أن جلالة الملك يعتبر لاعبًا رئيسيًا في السياسة الدولية وفي منطقة الشرق الأوسط، كما أن الأردن يتمتع بعلاقات قوية مع المؤسسات الأمريكية، لا سيما مع أعضاء الكونغرس الأمريكي ورجال السياسة والصحافة، وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
السمهوري: سياسة ترامب استفزازية ومعادية
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي د. فوزي السمهوري، إن سياسة ترامب تجاه المنطقة العربية بشكل عام تندرج تحت عنوان “السياسة الاستفزازية المعادية”، ويتجلى ذلك من خلال موقفه المنحاز للكيان الاستعماري الإسرائيلي، المتنكر لحق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال، وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس.
وأشار السمهوري خلال حديثه لـ “المنبر الحر” إلى أن هذا الموقف العدائي تجاه الشعب الفلسطيني يمتد أيضًا إلى موقف الرئيس ترامب من الدول الداعمة لحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم، حيث يُعد الأردن من أبرز هذه الدول المستهدفة نتيجة لموقفه الاستراتيجي الثابت الذي يدعم الحل السياسي القائم على حل الدولتين، والذي يُعتبر صمام الأمان للأمن والسلام الإقليمي.
ولفت السمهوري إلى أن الموقف الأردني الثابت يتجسد في التنديد بحرب الإبادة والتطهير العرقي التي شنها الكيان الإسرائيلي بوحشية في غزة والضفة الغربية.
السمهوري: الموقف الأردني الثابت يتجسد في التنديد بحرب الإبادة والتطهير العرقي التي شنها الكيان الإسرائيلي بوحشية في غزة والضفة الغربية
كما أشار السمهوري إلى أن التنديد الأردني وملاحقته لجرائم الاحتلال في كافة المحافل الدولية، سواء في الأمم المتحدة أو القمم العربية أو عبر وسائل الإعلام، يعود إلى سببين: الأول هو العامل الاستراتيجي الذي يقوم على دعم حرية الشعب الفلسطيني، والثاني هو التأثيرات السلبية لهذه السياسات على الأمن الإقليمي بشكل عام والأمن القومي الأردني بشكل خاص.
وأضاف السمهوري أن السياسة الأردنية والفلسطينية تعاملت مع قضية التهجير بالرفض القاطع، وأن مصر تبنت موقفًا مشابهًا، حيث طالب الجميع بإنهاء العدوان على غزة بشكل نهائي، والانسحاب الكامل من القطاع، كخطوة أولى نحو إنهاء الاحتلال عن جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة المعترف بها دوليًا.
وأكد السمهوري أن مواقف ترامب، المعروف برجل الصفقات، لا تمتلك استراتيجية ثابتة، حيث يسعى لتنفيذ ما عجزت عنه إدارة بايدن، وبالتالي، انتقل إلى مرحلة التهديد المبطن من خلال مطالبة الأردن بالتخلي عن سياساته الداعمة للحق الفلسطيني، حيث يشكل هذا الموقف عقبة أمام نجاح المخطط الاستعماري الإسرائيلي التوسعي.
وأشار إلى أن جرائم العصابات الاستيطانية الإرهابية بحق القرى والمدن الفلسطينية، ومصادرة الأراضي، والقتل خارج القانون هي سياسة مناهضة للاتفاقية الدولية لمنع جرائم الإبادة، ومعاكسة لنظام المحكمة الجنائية الدولية التي تصنف هذه السلوكيات ضمن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
ودعا السمهوري الدول العربية إلى تنفيذ مبادرة عربية تقوم على قطع العلاقات مع إسرائيل، للتأكيد على عدم المس بالأمن والاستقرار القومي العربي الشامل، بدءًا من استقرار الدول المحيطة بفلسطين، وفي مقدمتها الأردن ومصر. حيث إن المخطط الأمريكي الإسرائيلي يستهدف الأمن القومي العربي بأسره لضمان إخضاع المنطقة العربية للنفوذ الأمريكي لعدة عقود قادمة، وهو ما يهدف إلى استباق ولادة نظام عالمي جديد.
وفي ختام حديثه، قال السمهوري: “ترامب يريد تحميل الأردن أعباء جديدة تحت مسمى التهجير واستيعاب اللاجئين، في الوقت الذي لم يقدم فيه الاتحاد الأوروبي التمويل الكامل أثناء استقبال الأردن للاجئين السوريين، وتخلى عن مسؤوليته.”
الريالات: المساعدات الأمريكية للأردن تم إقرارها بموجب اتفاقيات بين البلدين وتنتهي عام 2029
وفي ذات السياق، قال رئيس تحرير صحيفة الدستور مصطفى الريالات إن المساعدات الأمريكية للأردن تم إقرارها بموجب اتفاقيات بين البلدين، وتنتهي في عام 2029، مما يعني أن المساعدات مرتبطة بوجود اتفاقيات مع الإدارة الأمريكية في هذا السياق.
وأشار الريالات خلال حديثه لـ “المنبر الحر” إلى أنه على الرغم من أهمية المساعدات الأمريكية، إلا أنه إذا تم استخدامها كورقة ضغط على الأردن، فإن الرهان عليها لن يكون سليمًا، فالأردن مواقفه ثابتة وواضحة، وعبر عنها جلالة الملك عبد الله الثاني بكل صراحة، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
الريالات: على الرغم من أهمية المساعدات الأمريكية، إلا أنه إذا تم استخدامها كورقة ضغط على الأردن فإن الرهان عليها لن يكون سليمًا
وبين أن موقف الملك عبد الله الثاني كان حكيمًا ونزيهًا، وتجسد ذلك في خطاباته، وبرز بشكل واضح خلال الحرب على غزة، وكذلك في الفترات السابقة وعبر التاريخ، حيث أكد دائمًا على حل الدولتين، وأن فلسطين للفلسطينيين والأردن للأردنيين.
ولفت الريالات إلى أن الأردن، ومنذ عام 1948، استقبل اللاجئين في أرضه، وظل يواصل استقبالهم حتى بعد أن تخلى المجتمع الدولي عنهم.
وشدد الريالات على ضرورة التمسك باللاءات الثلاث: رفض التوطين، ورفض الوطن البديل، ورفض التهجير، باعتبار أن هذه المواقف هي الداعم الأساسي لإقامة الدولة الفلسطينية على كامل تراب فلسطين الممتد على حدود السابع من حزيران، وعاصمتها القدس. وأكد أن أي حل للمسألة السلمية لن يكون إلا عبر حل الدولتين.
الطراونة: الأردن دولة مؤسسات، ولن يتوقف مستقبل اقتصاده على إرسال المساعدات
من جانبه، قال رئيس تحرير جريدة الغد مكرم الطراونة لـ “المنبر الحر” إن قرار تجميد المساعدات الأمريكية، على الرغم من تداعياته السلبية، إلا أن الأردن دولة مؤسسات، ولن يتوقف مستقبل اقتصاده على إرسال المساعدات.
ولفت الطراونة إلى أن ركائز الدولة الأردنية متينة، مما يعني أنه من غير الممكن الوصول إلى مرحلة اقتصادية صعبة، مؤكدًا أن التخوفات من نتائج القرار أمر مبالغ فيه، وبين أن الإدارة الأمريكية مارست هذه السياسة من قبل في عهد الرئيس السابق جو بايدن، وحاولت تجميد المساعدات، لكن في المقابل يتمتع الأردن بعلاقات قوية مع مؤسسات الدولة الأمريكية، مما قد يحول دون تنفيذ هذه القرارات.
الطراونة: قرار تجميد المساعدات الأمريكية، على الرغم من تداعياته السلبية، إلا أن الأردن دولة مؤسسات، ولن يتوقف مستقبل اقتصاده على إرسال المساعدات
وفيما يتعلق بالموقف الأمريكي الذي يقوده ترامب تجاه الأردن، أوضح الطراونة أن ذلك كان متوقعًا، وأن الأردن كان مستعدًا لتنفيذ هذا القرار.
وأضاف أن موقف الأردن تجسد في اللاءات الثلاث التي أعلنها جلالة الملك، ومن ضمنها “لا لتوطين”، وكان هذا الموقف واضحًا منذ السابع من أكتوبر، الرافض لتهجير سكان غزة إلى مصر وسكان الضفة الغربية إلى الأردن.
وأشار الطراونة إلى أن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أكد ذلك من خلال حديثه عن أن الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين، ومن خلال أيضًا عمل الدولة الأردنية على دعم صمود الفلسطينيين على أرضهم، والسعي باتجاه حل القضية الفلسطينية عبر عملية سلام تضمن إقامة دولة فلسطينية على حدود السابع من حزيران.
واختتم حديثه بتأكيد ضرورة حشد الجهود العربية من أجل الضغط على الإدارة الأمريكية لتدرك خطورة ما يقوم به ترامب في هذا السياق.
الشقران: التنسيق بين الإدارة الأمريكية وجلالة الملك مستمر، وعلاقة الأردن مع أمريكا “ثابتة”
على صعيد متصل، قال رئيس تحرير صحيفة الرأي د. خالد الشقران لـ “المنبر الحر” إن التنسيق بين الإدارة الأمريكية وجلالة الملك عبدالله الثاني مستمر، وأن علاقة الأردن مع أمريكا ثابتة.
وأكد أنه رغم وجود خلافات في وجهات النظر والطروحات بين الطرفين، فإن ذلك لن ينعكس على الثوابت الأساسية، بل يمكن البناء عليها في المستقبل.
وأشار الشقران إلى أن موقف الأردن تجاه قضايا المنطقة ثابت ولن يتغير، لا سيما الموقف تجاه القضية الفلسطينية، والمتمثل في دعم الأشقاء الفلسطينيين، والرافض لسياسة التهجير من غزة والضفة الغربية، وأوضح أن الأردن سيستمر في تقديم المساعدات للشعب الفلسطيني ودعم الموقف السياسي الفلسطيني.
الشقران: الاتصال الذي جرى بين الملك عبدالله الثاني والرئيس الأمريكي ترامب يبعث دلالات تؤكد على استمرار العلاقات الاستراتيجية بين البلدين
ولفت إلى أن الاتصال الذي جرى بين الملك عبدالله الثاني والرئيس الأمريكي ترامب يبعث دلالات تؤكد على استمرار العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، ويعزز النقاش المستمر للعمل على تطوير سبل التعاون بينهما.
واختتم بالقول إن قرار تعليق المساعدات من قبل الإدارة الأمريكية لن يؤثر على العلاقات بين الأردن والولايات المتحدة الأمريكية.
الجغبير: هناك اتفاقيات بين الأردن وأمريكا تمتد لـ 7 سنوات .. وهذه “ورقة ضغط”
بدوره، قال المدير العام لجريدة الأنباط حسين الجغبير إن الثوابت الأردنية تؤكد أن الأردن للأردنيين، وفلسطين للفلسطينيين، وأن الأردن هو دولة مؤسسات مؤمنة بالقانون الدولي. وأضاف أن هناك إجماعًا على الثوابت الرئيسية التي أطلقها جلالة الملك عبدالله الثاني والتي تعبر عن سياسة الأردن الداخلية والخارجية.
وأشار الجغبير خلال حديثه لـ “المنبر الحر” إلى أن موقف الأردن ثابت تجاه القضية الفلسطينية، المؤمن بالحل السياسي، وأنه يقف في وجه توجهات حكومة اليمين المتطرفة في إسرائيل، لافتًا إلى أن الحديث عن تهجير السكان في الضفة الغربية وقطاع غزة لا يعدو كونه إشاعات سياسية.
وأكد الجغبير أن الأردن يعد مدافعًا شرسًا عن القضية الفلسطينية وعن مبادرة السلام وحل الدولتين، وأشار إلى أن جلالة الملك عبدالله الثاني يتمتع بعلاقات وثيقة مع الإدارة الأمريكية التي تتعامل وفقًا للقانون الذي ينص على أن إسرائيل هي دولة احتلال.
وفيما يتعلق بتجميد المساعدات الأمريكية، أوضح الجغبير أن هذه الخطوة لا تثير القلق والخوف، لافتا إلى أن جلالة الملك وقع في شهر أيار الماضي مذكرة تفاهم واتفاقية بين الأردن وأمريكا تمتد لسبع سنوات، وصادق عليها الكونغرس ومجلس الشيوخ، مما جعلها ملزمة للطرفين وأصبحت البينة الأساسية لجميع الاتفاقيات.
الجغبير: جلالة الملك وقع في أيار الماضي مذكرة تفاهم واتفاقية بين الأردن وأمريكا تمتد لسبع سنوات، وصادق عليها الكونغرس ومجلس الشيوخ، مما جعلها ملزمة للطرفين وأصبحت البينة الأساسية لجميع الاتفاقيات
ولفت إلى أن تجميد المساعدات يعد أمرًا طبيعيًا لدراسة هذه الاتفاقيات، وإذا تم اتخاذ القرار بإلغائها، فلا بد من عرضها على الكونغرس ومجلس الشيوخ.
وقال: “قد تكون هذه وسيلة ضغط على الأردن، لكن الأردن قوي اقتصاديًا، والحكومة عملت على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة هذا القرار”.
واختتم بقوله إنه من الصعب إلغاء الاتفاقيات بين الأردن وأمريكا، لا سيما وأنها مصدقة في جميع مراحلها التشريعية في الولايات المتحدة الأمريكية.
الأردنيون في خندق الوطن ومع الملك ..
خلاصة القول، الأردنيون في خندق الوطن ومع الملك مهما كانت الظروف الاقتصادية، ولطالما كان موقف الأردن ثابتًا وصلبًا في مواجهة جميع التحديات التي مر بها، ولم يفرط في ثوابته الوطنية، التي تؤكد وتدعم حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم، ومساندة الشعب الفلسطيني في التصدي لسياسات الاحتلال ومحاولاتها تهجير الفلسطينيين قسرًا.
أما فيما يتعلق بالحديث عن تجميد المساعدات الأمريكية للأردن، فمن السابق لأوانه “الهلع” من هذا الموضوع، إذ إن مجريات الأحداث تتغير بين “يوم وليلة”، كما أن هناك اتفاقيات موقعة بين الأردن وأمريكا لا يمكن “التنصل” منها.
________________________
www.almenberalhor.com