الأحزاب السياسية الاردنية: واقع مؤلم وانتكاسة ديمقراطية
المنبر الحر – بقلم: محمد مصطفى العضايلة (رئيس الهيئة العربية للبث الفضائي)
شهدت الساحة السياسية الأردنية في الآونة الأخيرة موجة من الاستقالات في عدد من الأحزاب السياسية، وهو ما يثير القلق حول مستقبل هذه الأحزاب ودورها في تعزيز الحياة الديمقراطية في الأردن.
تعتبر هذه الاستقالات بمثابة جرس إنذار لحالة الشرذمة التي تعيشها (بعض) الأحزاب السياسية، والتي كانت تأمل في أن تصبح رافعة للتغيير والإصلاح وشريكاً في الحياة السياسية والديموقراطية.
مع تزايد الاستقالات، تتوالى الانتقادات من داخل هذه الأحزاب نفسها، حيث عبر الأعضاء الذين غادروا (من خلال الصالونات السياسية او منصات التواصل الإجتماعي) عن خيبة أملهم في قدرة هذه الأحزاب على تحقيق الأهداف التي تم تأسيسها من أجلها. وشكى الكثيرون من غياب التنسيق الداخلي، وافتقار العديد من الأحزاب إلى الرؤية الواضحة والبرامج السياسية الجادة التي من شأنها أن تعكس تطلعات الشعب الأردني.
هذه الاستقالات وغيرها، تفتح المجال للعديد من التساؤلات حول كيفية وآلية تأسيس الأحزاب السياسية في الأردن، وتثير تساؤلات حول مدى جدوى هذه الأحزاب في الواقع السياسي. فقد شهدنا تأسيس عدة أحزاب في السنة الماضية تحديداً، لكن بعضها سرعان ما دخل في حالة من التفكك بسبب الخلافات الداخلية والصراعات على السلطة والتوجهات.
ويبقى السؤال: هل كانت هذه الأحزاب قد تأسست في سياق حقيقي لتلبية احتياجات المواطنين وتحقيق تطلعاتهم السياسية، أم كانت مجرد محاولات سطحية للظهور على الساحة السياسية دون استراتيجية واضحة؟
الغريب في الأمر أن هذه الأحزاب (الوليدة) كان يُتوقع منها أن تكون بمثابة طاقة جديدة تدفع الحياة السياسية في الأردن نحو آفاق أوسع، وتساهم في توسيع دائرة المشاركة الشعبية في القرار السياسي. لكن مع تزايد الاستقالات والانقسامات الداخلية، يتضح أن تلك التوقعات بدأت تتلاشى، وأن هذه الأحزاب قد تكون بعيدة كل البعد عن تحقيق التوازن السياسي المطلوب.
وجود الأحزاب في أي نظام ديمقراطي يتطلب بالدرجة الأولى ضمان أطر قانونية وإدارية تدعم الاستقرار الداخلي لهذه الكيانات السياسية، وتساهم في بناء قدراتها على التأثير الفعلي في مجريات الأمور.
إن هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها الأحزاب السياسية في الأردن تمثل انتكاسة ديمقراطية حقيقية، ففي الوقت الذي تحتاج فيه البلاد إلى قوة دفع من هذه الأحزاب للمساهمة في تطوير الحياة السياسية، نجد أن الخلافات والانقسامات تضعف من قدرتها على تحقيق هذا الدور. يبقى الأمل في أن تتعلم الأحزاب من أخطائها وتعيد بناء نفسها على أسس قوية وراسخة، بما يخدم مصلحة الوطن والمواطنين.
يشهد الأردن تهديدات نتيجة للتوترات السياسية في المنطقة. هذا الواقع يضع مزيدًا من الضغوط على الحكومة الأردنية، ويعزز الحاجة إلى وجود أحزاب سياسية قادرة على تبني مواقف وطنية تدعم الأمن القومي وتحقق الاستقرار السياسي. وممارسة دورها في توجيه الرأي العام وتوحيد المواقف حول السيادة الوطنية.
لا بد من القول إن ما يحدث اليوم من انقسامات يعد دعوة جادة لإعادة النظر في كيفية تأسيس الأحزاب السياسية، والغاية الحقيقية من وجودها في الحياة السياسية الأردنية. لن يحقق أي حزب النجاح ما لم يكن لديه مشروع سياسي واضح، وتوجهات قادرة على تحقيق التغيير الفعلي على الأرض.
______________________
www.almenberalhor.com