إلغاء مؤتمر صحافي بين زيلينسكي ومبعوث ترمب لأوكرانيا وسط تصاعد التوترات

المنبر الحر – أُلغي مؤتمر صحافي كان من المقرر أن يعقب محادثات بين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ومبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب لأوكرانيا، الخميس، في ظل تصاعد التوترات السياسية بين البلدين بشأن سبل إنهاء الحرب المستمرة منذ قرابة 3 سنوات مع روسيا.
وكان من المقرر أن يتحدث زيلينسكي واللفتنانت جنرال المتقاعد كيث كيلوج إلى وسائل الإعلام، لكن الحدث تحوّل في اللحظات الأخيرة إلى مجرد فرصة لالتقاط الصور، إذ اكتفى الرجلان بالوقوف أمام الصحافيين دون الإدلاء بأي تصريحات أو الرد على الأسئلة.
وأوضح المتحدث باسم الرئاسة الأوكرانية، سيرهي نيكيفوروف، أن التغيير جاء بناء على طلب الجانب الأميركي، وفقا لوكالة “أسوشيتد برس”.
وتزامنت زيارة كيلوج إلى كييف مع تصاعد الخلاف بين ترمب وزيلينسكي، ما زاد من التوتر في علاقتهما الشخصية، وأثار مزيداً من الشكوك بشأن مستقبل الدعم الأميركي للمجهود الحربي الأوكراني.
وتجمع العشرات من الصحافيين داخل مكتب الرئاسة الأوكرانية في كييف بعد تلقيهم دعوات لحضور المؤتمر الصحافي والتقاط الصور.
ومع بدء الاجتماع، سُمح للمصورين والصحافيين بالدخول إلى القاعة حيث تبادل زيلينسكي وكيلوج المصافحة قبل أن يجلسا على طاولة في مواجهة بعضهما البعض. ثم تم إبلاغ الصحافيين بأنه لن يكون هناك مؤتمر صحافي يتضمن تصريحات من القادة أو أسئلة من المراسلين. ولم يوضح المتحدث باسم الرئاسة الأوكرانية، سيرهي نيكيفوروف، سبب هذا التغيير المفاجئ، مكتفياً بالقول إنه جاء بناء على رغبة الجانب الأميركي.
ولم يدلِ الوفد الأميركي بأي تعليق، كما لم يرد البيت الأبيض على أسئلة من “أسوشيتد برس” عن سبب إلغاء المؤتمر الصحافي.
وكان من المتوقع أن يتحدث الجانبان عن جهود ترمب لإنهاء الحرب، إذ سبق أن أعرب زيلينسكي عن تطلعه لشرح تطورات الوضع في أوكرانيا وعرضها على كيلوج.
ويُعد كيلوج أحد المسؤولين البارزين الذين ساهموا في وضع كتاب سياسات يعكس توجهاً محافظاً متشدداً، ويحدد ملامح أجندة الأمن القومي الأميركية وفقاً لمبدأ “أميركا أولاً”. وشغل لفترة طويلة منصب المستشار الرئيسي لترمب في الشؤون الدفاعية.
وفي منشور على قناته عبر “تليجرام”، قال زيلينسكي إن اجتماعه مع كيلوج كان “محادثة جيدة وغنية بالتفاصيل”. وأوضح أنهما ناقشا الضمانات الأمنية التي يمكن تقديمها لأوكرانيا، بالإضافة إلى الجهود المبذولة لاستعادة الأسرى الأوكرانيين المحتجزين لدى روسيا.
وكتب زيلينسكي: “يمكننا ويجب علينا جعل السلام موثوقاً ودائماً، حتى لا تتمكن روسيا أبداً من العودة بالحرب مرة أخرى”.
وأضاف: “أوكرانيا مستعدة لاتفاق قوي ومفيد حقاً مع رئيس الولايات المتحدة يشمل الاستثمارات والأمن”.
تصاعد التوتر بين زيلينسكي وترمب
تبادل زيلينسكي وترمب الانتقادات خلال الأيام الماضية، وذلك عقب اتفاق روسيا والولايات المتحدة، الثلاثاء، على بدء العمل لإنهاء الحرب في أوكرانيا وتحسين العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بينهما.
وجاء ذلك بعد أن قرر ترمب، بشكل مفاجئ، إنهاء سياسة العزلة التي فرضتها واشنطن على موسكو طوال السنوات الثلاث الماضية.
وأبدى زيلينسكي استياءه من بدء المفاوضات الأميركية الروسية دون دعوة أوكرانيا أو الحكومات الأوروبية التي تدعم كييف.
وفي تصعيد إضافي، قال ترمب إن زيلينسكي غير محبوب في أوكرانيا، ليرد الأخير قائلاً إن ترمب يعيش في “فضاء من المعلومات المضللة التي صنعتها روسيا”، في إشارة إلى أنه قد وقع ضحية للتلاعب من قبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
واتهم الرئيس الأميركي نظيره الأوكراني بأنه “ديكتاتور بلا انتخابات”، مشيراً إلى أن أوكرانيا تتحمل مسؤولية اندلاع الحرب. وكانت كييف قد أجلت الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها في أبريل 2024 بسبب استمرار القتال.
ورغم ذلك، أظهر تقرير صادر عن المعهد الدولي لعلم الاجتماع في كييف، الأربعاء، أن زيلينسكي لا يزال يتمتع بمستوى ثقة عام مرتفع نسبياً، إذ يحظى بتأييد نحو 57% من الأوكرانيين.
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز، إن تصاعد انتقادات ترمب لزيلينسكي تعكس إحباطاً من العراقيل التي تضعها القيادة الأوكرانية أمام الجهود الرامية لإنهاء الغزو الروسي.
وأضاف والتز: “يجب أن يكون هناك تقدير عميق لما قدمه الشعب الأميركي ودافعو الضرائب، ولما فعله الرئيس ترمب خلال ولايته الأولى وما قمنا به منذ ذلك الحين”. كما انتقد بعض التصريحات الصادرة عن كييف، معتبراً أن “الإهانات الموجهة لترمب غير مقبولة”.
وأشار والتز أيضاً إلى أن ترمب مستاء من رفض زيلينسكي عرضاً قدمه وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت الأسبوع الماضي، والذي كان سيسمح للولايات المتحدة بالوصول إلى المعادن الأوكرانية كجزء من تسوية في مقابل الدعم الأميركي لأوكرانيا خلال الحرب وتأمين مساعدات مستقبلية.
وفي السياق ذاته، أكد رئيس مجلس النواب الأميركي، مايك جونسون، الخميس، أن هناك “غياباً تاماً للرغبة” في إقرار حزمة تمويل جديدة لأوكرانيا، بحسب “رويترز”.
وذكر جونسون في تصريح لقناة” نيوزماكس” خلال مشاركته في مؤتمر العمل السياسي للمحافظين: “لا توجد شهية لتمويل جديد”، مشدداً على ضرورة إنهاء الحرب.
وتابع: “علينا وضع حد لهذا الصراع، وحلفاؤنا الأوروبيون يدركون أيضاً ضرورة ذلك”.
ترمب يحذر من تباطؤ المفاوضات
وفي تصعيد جديد، حذر ترمب، الأربعاء، زيلينسكي من أنه يجب عليه التحرك بسرعة للتفاوض على إنهاء الغزو الروسي، وإلا فإنه قد “يخاطر بعدم وجود دولة ليقودها”.
وأعرب المستشار الألماني أولاف شولتز، الذي تعد بلاده ثاني أكبر مورد للأسلحة لأوكرانيا بعد الولايات المتحدة، عن رفضه للشكوك في شرعية زيلينسكي الديمقراطية، واصفاً ذلك بأنه “خطأ وخطير”.
وأفاد شولتز في تصريح لمجلة “دير شبيجل”: “أوكرانيا تدافع عن نفسها منذ ما يقرب من 3 سنوات ضد حرب عدوانية لا ترحم، يوما بعد يوم”.
من جانبه، أجرى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر اتصالاً مع زيلينسكي، الأربعاء، أعرب خلاله عن دعمه له “بصفته الزعيم المنتخب ديمقراطياً لأوكرانيا”، مشيراً إلى أنه “من المعقول تماماً” تأجيل الانتخابات في ظل الحرب.
في المقابل، اغتنم المسؤولون الروس الاهتمام الأميركي وعبّروا عن دعمهم لموقف ترمب.
وأشار المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إلى أن “تصريحات زيلينسكي والعديد من ممثلي نظام كييف تترك الكثير مما هو مرغوب فيه”، في إشارة ضمنية إلى انتقادات أوكرانيا لبوتين.
وأضاف بيسكوف خلال مؤتمر صحافي: “ممثلو النظام الأوكراني، لا سيما في الأشهر الأخيرة، يطلقون تصريحات عن قادة دول أخرى غير مقبولة على الإطلاق”.