عاجل
كتاب المنبر الحر

آل البيت النهج الثابت في بناء الدولة

المنبر الحر – بقلم: العميد المتقاعد النائب السابق د. علي مدالله الطراونة

“إنما يريد الله أن يُذهِبَ عنكم الرِّجسَ أهلَ البيتِ ويطهِّرَكم تطهيرًا” صدق الله العظيم.

بدأت مسيرة الدولة التي أرادها الهاشميون بنهج ثابت وعزم راسخ تأسَّس على الإرادة العربية الإسلامية، لا على إرادة الأشخاص، لتحقيق أهداف الأمة، فكان الهاشميون على الدوام في خدمة هذه الأهداف، يترجمون المبادئ والرؤى إلى أفعال وواقع يتفق مع بناء الدولة الحديثة. فها هو سيد البشرية صلّى الله عليه وسلّم، القائد الأول، يرفض الجاه والمال والملك، إذ يقول لعمه أبي طالب: “واللهِ يا عم، لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يُظهِرَه الله أو أهلِكَ دونه، ما تركته”. ثبات وصدق في الأهداف والرؤى تمسك بهما صاحب الرسالة ومؤسس الدولة الإسلامية الأولى صلوات الله وسلامه عليه، فمن هناك بدأت الصحوة العربية الإسلامية، وسار على نهجه الصحابة والتابعون، ثم المتنورون الأحرار العرب.

والذين كانوا على مستوى طموح الأمة وآمال الشعوب، التي كانت تتطلع إلى المؤسسة العربية الفاعلة التي تريد تجديد دور مكة وأمية والعباس، فجاءت صياغة الثورة وأهدافها ونظامها واضحة لا تشوبها شائبة، من خلال مراسلات الشريف الحسين – مكماهون والمفاوضات البريطانية الحجازية، حيث اشترك الأمير فيصل بن الحسين في مؤتمر لندن ومؤتمر باريس عام 1918 و1919، ومفاوضات الملك المؤسس عبدالله بن الحسين مع ونستون تشرشل في القدس عام 1921.

فاختلفت التواريخ والأماكن، ولكن كان الثبات في الرؤى والأهداف هو العامل المشترك بين تلك الأحداث، ألا وهو الدولة العربية المستقلة، إضافة إلى فهم الواقع السياسي الدولي وإدراك طموح الشعوب العربية وقدراتها للوصول إلى الطموحات، حتى وإن كانت في أدناها، ولكن دون التنازل عن مبدأ عربي واحد، المتمثل في الوحدة العربية وعدم التنازل عن شبر واحد من الأراضي الفلسطينية.

إذ برز ذلك في تضحية الشريف الحسين بن علي بالعرش، وهو يقاتل مجاهدًا في أروقة السياسة، وعقد الرايات سائرًا على نهج جده المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، فكانت راية عبدالله وزيد وفيصل سارت في سبيل الله ورفعة وعزة العرب جميعًا، متمسكًا بوحدة الأراضي والشعوب العربية. وما مفاوضات الأمير فيصل الشاقة في لندن وباريس إلا خير دليل على ذلك، وواصل الأمير عبدالله بن الحسين الجهاد حتى تمكن من تأسيس الدولة المستقلة في الأردن، التي نعيشها اليوم ثمرة من ثمار جهاد آل البيت وكفاح الهاشميين الموصول من أجل الدولة المستقلة والسيادة العربية الأكيدة.

بعد أن أسدل الظلام ظله إلى حين، ليُنبزِغ فجر العرب من جديد بقيادة آل هاشم، يعيدون مجد الأمة والعروبة في مطلع القرن العشرين، ويتقدمون من جديد لبناء الدولة العربية، وبعث الروح القومية في نفوس العرب جميعًا.

إذ يكفي آل هاشم فخرًا هذا الثبات على الدأب والمنحى، ويكفيهم أنهم صدقوا عند اللقاء، وأنهم يتقدمون صفوف الخير والمساندة، ويسخّرون كل الوقت والجهد لنصرة قضايا العرب في كل المحافل الدولية، يدعون للوحدة، وتنظيم الصفوف، وبناء القوة الذاتية العربية، ونبذ كل أشكال العنف، والدعوة للحوار والمنطق المسؤول. فتلاقى الإخوان في الأردن وفلسطين على الخير والوعد والعهد في وحدة قلَّ نظيرها، وقاتل الأردنيون بقيادتهم الهاشمية جنبًا إلى جنب مع إخوانهم الفلسطينيين، وسطروا تضحيات على ثرى القدس الحبيب، إلى أن صدر قرار عربي بفك الارتباط التاريخي بين الضفتين عام 1988، إلا أن الرعاية الهاشمية استمرت على القدس والمقدسات، ويترجم جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم كل هذه المعاني ثابتًا عند الحق، متقدمًا الصفوف، كنهج آل البيت وآل هاشم الأطهار الميامين في جميع المحافل الدولية دفاعًا عن الحق والقدس والمقدسات.

حقٌّ للأردنيين أن يتفاخروا بعترة الرسول صلّى الله عليه وسلّم وسبطه، والسائرين على نهجه خطوةً بخطوة، وشبرًا بشبر.
أدامكم الله آل البيت الأطهار، ونفع بكم، وسدَّد على طريق الخير خُطاكم.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!