أتابع محطة محلية , وبرنامج لمذيعتين ….المهم أن فيديوهات هذا البرنامج تنتشر بسرعة على الفيس بوك وهي مجرد كلمات تقولها المذيعة ..من شاكلة : (الزوج الناجح هو الزوج الذي يتفهم ….الخ ) ..أو مثلا : (العاشق يعبر عن عشقه لحبيبته ليس عبر النظرات وإنما ….الخ) …
مقولات المذيعة الفذة كلها مأخوذة من محرك البحث (جوجل) ..أنت مثلا تستطيع أن تضع على (جوجل ) جملة :حكم مرتبطة بالحب , وستحصل على ألف حكمة ..تستطيع أن تضع جملة : أقوال في النساء ..وستقرأ نصف الشعر العربي , لكن الغريب في الأمر أن المذيعة حينما تقرأ ما تقوم بسرقته من (جوجل) لا تذكر المصدر فيعتقد البعض أنه من نتاج أفكارها …
حين كان غالب الحديد مذيعا كان يختم نشرة الأخبار بجملة : من عمان لكم التحية ولأردننا كل الحب , غالب في زمنه لم يكن هناك (جوجل) كان المذيع يعرف كيف يغرف من كتب النحو والشعر والبلاغة , ويعرف كيف يزيد ثروته اللغوية ..وهو من ينتج الجملة والفكرة …وحين كان ابراهيم شهزاده مذيعا ويعلق على جنازة الحسين – رحمه الله – لم يكن في زمنه محرك بحب اسمه جوجل …بل كان يستند إلى ثقافته ولغته الرصينة وشاعريته الفذة , لم يخطيء في جملة ولم يضم منصوبا أو يجزم مرفوعا …
أنا أتحدى أن نجري لهذه المذيعة اختبار ثقافة عامة ؟ أتحدى أن نفتح لها كتاب النحو للصف السابع ..ونجعلها تقدم اختبارا فيه . هل ستنجح يا ترى ؟
حين كنا صغارا , كنا نتعلم اللغة من (غابي لطيف) في مونتي كارلو , غابي لم تكن مذيعة كانت متنورة لبنانية , صحيح أنها سارت في ركب الفرانكفونية ..لكنها قدمت الشرق بثقافته وعراقته وجذوره , غابي قرأت جبران وبطرس البستاني وصادقت أمين معلوف ..وهي لم تكن مذيعة بل متنورة تقدم وجبات في المعرفة …
في مصر حين منحوا منى الشاذلي أهم برامج في الشاشات المصرية لم يقوموا بمنحها هذه البرامج على قاعدة (البوتكس ) و(الفلر) …بل على قاعدة الوعي على قاعدة تمثيل المجتمع المصري ..وحين حاورت (لميس الحديدي) محمد حسين هيكل حاورته على قاعدة ثقافتها الناصرية ووعيها وما تمتلك من أيدلوجيا ..
في الأردن كان لدينا نموذج منتهى أبو دلو , كان لدينا إيمان ناجيا ..سوسن تفاحة كان لدينا زهور الصعوب …في زمنهن لم يكن هنالك محرك البحث جوجل ..كان هنالك مكتبة في التلفزيون , وكانت إيمان ناجيا تذهب كل شهر في رحلة إلى البلد من أجل شراء الكتب …
المشكلة ليست في المذيعة المشكلة في المحطة التي , تقوم بترويجها باعتبارها غادة السمان …أو بثينة شعبان ..
يا حسرتي ..