عاجل
كتاب المنبر الحر

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان …منهجا وليس ديكورا …فلسطين التحدي ؟

المنبر الحر – بقلم الدكتور فوزي علي السمهوري |

  76 عاما مضت على إعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي بقي وجميع العهود والمواثيق الدولية التي إنبثقت عنه كمرجعية توجب على دول العالم إحترامها والإلتزام بها ديكورا تجميليا لدى دول توجهها وتوظفها قوى عظمى كاداة ضغط لتحقيق اهدافها السياسية والإقتصادية والعسكرية والتعامل مع حقوق الإنسان بإزدواجية بل وتبرر الإنتهاكات والجرائم للقانون الدولي لحقوق الإنسان وللقانون الدولي الإنساني التي ارتكبته وترتكبه ” إسرائيل ” بحق الشعب الفلسطيني بالدفاع عن النفس خلافا أيضا وإنتهاكا بذات الوقت لميثاق الأمم المتحدة .

76 عاما على إنتهاك حق الشعب الفلسطيني بالحرية :

  في إستعراض موجز لأهم الإنتهاكات التي عانى و يعاني منها الشعب الفلسطيني على مدار مائة عام وتحديدا منذ إطلاق الحكومة البريطانية إعلان بلفور عام ١٩١٧ بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين الذي يعني الإفصاح عن قرار البدأ بإرتكاب جرائم إبادة وتطهير عرقي بحق الشعب الفلسطيني التي المت به ولم تزل بإنتهاك صارخ للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتقويض لأهدافه ومقاصده كما ورد في ديباجته على ” لما كان الإعتراف بالكرامة المتاصلة في جميع اعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم ” ومنذ إطلاق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عجز المجتمع الدولي بدوله عن رفع الظلم والإضطهاد والإنتهاكات وحماية الشعب الفلسطيني من الجرائم التي لا زالت ترتكبها سلطات الإحتلال الإسرائيلي دون مساءلة او عقاب نتيجة للإنحياز والإزدواجية الأمريكية والاوربية للكيان الإستعماري الإسرائيلي وتبرير إنتهاكاته وجرائمه ومن النماذج الحية على الإنتهاكات الإسرائيلية والجرائم للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وللعهود والمواثيق والإتفاقيات الدولية : 

  أولا : ان الشعب الفلسطيني بحكم الاحتلال الإسرائيلي الإستعماري محروم من التمتع بالحرية بإنتهاك صارخ للمادة الأولى من الإعلان ” يولد جميع الناس احرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق ” .

  ثانيا : إنتهاك المادة الثانية التي تنص ” لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات دونما تمييز وفضلا عن ذلك ، لا يجوز التمييز على اساس الوضع السياسي او القانوني او الدولي للبلد او الإقليم الذي ينتمي إليه الشخص سواء اكان مستقلا او موضوعا تحت الوصاية ، او غير متمتع بالحكم الذاتي ام خاضعا لأي قيد آخر على سيادته ” فالشعب الفلسطيني فرادى وجماعات محرومين من التمتع بهذه الحقوق مع إستمرار سياسة سلطات الإحتلال الإسرائيلي بسن القوانين العنصرية وعدم الإلتزام بإحترام وتنفيذ القرارات الدولية وإتفاقيات جنيف .

  ثالثا : إنتهاك المادتين الخامسة والتاسعة اللتان تنصان على ” لا يجوز إخضاع احد للتعذيب ولا للمعاملة او العقوبة القاسية او اللإنسانية او الحاطة بالكرامة ” كما تنص على ” لا يجوز إعتقال اي إنسان او حجزه او نفيه تعسفا ” فالواقع المعمول به وما تؤكده تقارير منظمات حقوقية دولية كمنظمة العفو الدولية وهيومن رايتس وتش وضمنا الصليب الأحمر الدولي بعدم إحترام نص المادتين الواردتين بل وتتبجح سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي برفضها تطبيق اي من تلك الحقوق والتي تكفلها أيضا إتفاقية جنيف الرابعة فالسجون الإسرائيلية تعج بالمعتقلين والمحكومين دون توفر اي شكل من أبسط اشكال المحاكمة العادلة وبالإعتقالات التعسفية الإدارية لسنوات من مناضلي الحرية الفلسطينيين وتعرضهم لأعتى اشكال التعذيب النفسي والجسدي المحظورة بالإتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب .  

  رابعا : السياسة الإستعمارية الإحلالية الإسرائيلية القائمة على مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات والتي ما هي إلا قواعد لعصابات المستوطنين وتدمير منازل المواطنين الفلسطينيين وطرد عائلاتهم في إنتهاك صارخ للمادة ١٧/٢ التي تنص على ” لا يجوز تجريد احد من ملكه تعسفا ” .

  خامسا : تنص المادة ٢٥ / ٢ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على ” للإمومة والطفولة حق في رعاية ومساعدة خاصتين ” ولكن الواقع العملي يشير بل يؤكد على إصرار السياسة الإسرائيلية الممنهجة بإنتهاك حقوق الطفل الفلسطيني المكفولة بالإتفاقية الدولية لحقوق الطفل عبر الإعتقال التعسفي والتحقيق وما يصاحبه من النيل من إنسانية الطفل إضافة إلى حرمانه من ان ينشأ ويتربى في ظل أسرته فإستهداف أيضا الأمهات وإيقاع شتى انواع التعذيب النفسي والجسدي والإعتقالات التعسفية وإقتحام المنازل إلا تأكيدا على إستهداف الأجيال الفلسطينية وما إستشهاد ٧٠ % اطفالا ونساءا من مجموع ما يزيد عن خمسين ألف شهيد في قطاع غزة إلا الدليل على توفر النية والإرادة بإرتكاب جرائم الإبادة والتطهير العرقي بحق المدنيين من ابناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وبوتيرة اقل بالضفة الغربية .

  سادسا : رفض سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي إنهاء إحتلالها لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا وسن تشريعات تحظر وترفض إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلا تعبير عن الإستمرار بحرمان الشعب الفلسطيني من حقه الاساس بالحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته في إنتهاك صارخ للمادة ٢٨ من الإعلان العالمي التي تنص على ” لكل فرد الحق في التمتع بنظام إجتماعي ودولي ممكن ان تتحقق في ظله الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا الإعلان تحققا تاما ” .

بناءا على ما تقدم من سياسة إسرائيلية ممنهجة تستهدف تقويض حقوق الشعب الفلسطيني وحرمانه من الحرية على مدار ست وسبعون عاما وعلى راسها حقه بتقرير المصير بإنتهاك سافر للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وللعهود والمواثيق والإتفاقيات الدولية وحتى لا يبقى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان شعارا وديكورا بات ضرورة ملحة ان يبدأ المجتمع الدولي بدوله المؤمنة بسمو احكام الإعلان العالمي لحقوق دون إزدواجية التصدي للدولة المارقة ” إسرائيل ” التي تتبجح بإرتكاب كافة اشكال الإنتهاكات الصارخة بالاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة بإتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة الضاغطة على سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي لوقف جرائمه وإنتهاكاته باشكالها ووسائلها المختلفة إنتصارا وإعمالا وإعلاءا لمبادئ حقوق الإنسان وتمكينا للشعب الفلسطيني التمتع بكافة الحقوق الواردة بالإعلان العالمي وبالعهود والمواثيق الدولية وبميثاق الأمم المتحدة العمل على : 

 اولا : قطع كافة اشكال العلاقات السياسية والإقتصادية والعسكرية مع الكيان الإسرائيلي .

 ثانيا : ضمان تقديمه إلى المحاكم الدولية والاوربية وبكافة الدول التي يسمح نظامها القضائي وعدم السماح بتمكينه الإفلات من المساءلة والعقاب .

 ثالثا : تشكيل لجنة دولية ترصد وتوثق الإنتهاكات من إعتقالات تعسفية وإعدامات خارج القانون ونزع الملكية ومصادرة الأراضي وعقوبات مركبة وفرض عقوبات جماعية وتعذيب نفسي وجسدي وإستهداف للطفل والمرأة وسن قوانين عنصرية والحرمان من السكن والتنقل الآمن وغيرها من الإنتهاكات ورفعها لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وللمؤسسات الدولية ونشرها بوسائل الإعلام ولمدعي المحكمة الجنائية الدولية لتحريك قضايا وإرسالها لجميع دول العالم صغيرها وكبيرها لتثبيت الصورة الحقيقية الإجرامية للكيان الإسرائيلي المارق .

 رابعا : طرد إسرائيل من كافة المؤسسات والهيئات الإقليمية والدولية .

 خامسا : طرد إسرائيل من البرلمان الدولي فالبرلمانات هي صوت الشعوب التي إنتفضت ولم تزل على إمتداد العالم مطالبة بوقف جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي وحرب الإبادة القائمة ومستمرة على مدار خمسة عشر شهرا على قطاع وبوتيرة اقل عنفا على مدار سنوات بالضفة الغربية .

  إن إستمرار إسرائيل بإحتلال وإستعمار ارض دولة فلسطين المعترف بها دوليا من حيث المبدأ تمثل أعلى مراتب الإنتهاكات التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني المكفولة بالشرعة الدولية ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وإتفاقيات جنيف …؟

متى سيقف أحرار العالم دولا وشعوبا إنتصارا للإنسانية ورفضا لهيمنة القوة الغاشمة وإعلاءا لقوة الحق ولسمو العدالة والمساواة ؟

حرية الشعب الفلسطيني وحقه بالحرية والإستقلال وإقامة دولته المستقلة وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة لمدنهم وقراهم كانت وستبقى العنوان والبوصلة لمغادرة مربع الديكور والتجميل لحقوق الإنسان وإستمرار توظيفها اداة لتحقيق اهداف سياسية لدول كبرى ونافذة على الساحة العالمية …

في الذكرى ٧٦ لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المطلوب العمل على إعادة الثقة الشعبية العالمية التي فقدت بسبب الإزدواجية و العجز عن مساءلة وإيقاع العقوبات الرادعة بحق الدول المارقة ورمزها ” إسرائيل “…. ؟ !

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!