عاجل
كتاب المنبر الحر

أحمد الشرع الجولاني: الفاتح الذي أربك الحسابات الدولية؟

المنبر الحر – بقلم: عوني الرجوب (كاتب وباحث سياسي)

لقد تغير المشهد السوري جذريًا، وأصبح أحمد الشرع (المعروف بالجولاني) الرجل الذي قلب موازين القوى وأسقط النظام السوري، ليس بصفقات دولية، بل بجهود ذاتية وقوة سلاحه وتنظيمه العسكري.

لم يكن هذا الانتصار مجرد صدفة أو نتيجة لمؤامرة خفية، بل كان حصيلة حرب طويلة ومعقدة أفرزت قيادة جديدة غير متوقعة، لتعيد تشكيل مستقبل سوريا بطريقة مغايرة لكل التوقعات.

هل جاء الشرع بدعم أميركي-إسرائيلي؟ الأدلة تقول لا

يكثر الحديث عن أن سقوط نظام الأسد لم يكن ليحدث لولا دعم أميركي أو إسرائيلي، ولكن الواقع على الأرض ينفي ذلك تمامًا، بل على العكس، كل المؤشرات تدل على أن صعود الشرع كان ضد رغبة هذه القوى.

التوغل الإسرائيلي في الجنوب السوري

منذ وصول الشرع إلى السلطة، كثفت إسرائيل ضرباتها الجوية داخل سوريا، واستهدفت مواقع عسكرية يُعتقد أنها تابعة له أو لحلفائه. هذا التصعيد الإسرائيلي لا يمكن تفسيره إلا بأنه رد فعل على تغير غير مرغوب فيه في دمشق.

لو كان الشرع جزءًا من تفاهمات دولية، لكانت إسرائيل أكثر حذرًا في التعامل معه، كما فعلت مع أنظمة أخرى حافظت على “التوازن” في المنطقة.

تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي “كاتس” تعكس بوضوح المخاوف الإسرائيلية من الشرع، حيث قال:
“في كل صباح عندما يفتح الجولاني (أحمد الشرع) عينيه في القصر الرئاسي بدمشق، سيرى الجيش الإسرائيلي يراقبه من مرتفعات جبل الشيخ، وسيدرك أننا هنا، وفي جميع المناطق الأمنية بجنوب سوريا، لحماية سكان الجولان والجليل من أي تهديد يمثله هو أو أصدقاؤه الجهاديون.”

إذا كان الشرع حليفًا غير معلن لإسرائيل، فلماذا كل هذا التهديد والتحشيد ضده؟

تمرد الدروز في السويداء

على مدى عقود، كان الدروز في سوريا يتعاملون بحذر مع السلطة، ولكن منذ صعود الشرع، بدأوا في التمرد ضده. لو كان هناك تفاهم أميركي-إسرائيلي يضمن استقرار حكمه، لكانت تل أبيب أول من يتحرك لتهدئة الدروز، وليس تركهم في حالة تمرد قد تؤثر على المشهد الأمني العام.

هذا التمرد يثبت أن الشرع جاء بطريقة غير متوقعة، ولم يكن جزءًا من خطة دولية تتضمن توافقًا مع جميع المكونات الداخلية.

العلويون لم يتكيفوا معه بل تمرّدوا

كان من المتوقع، لو كان وصول الشرع إلى الحكم مدعومًا من الخارج، أن تشهد المناطق العلوية استيعابًا سلسًا للواقع الجديد. ولكن ما حصل كان العكس تمامًا

– العلويون دخلوا في حالة تمرد ورفض لنظامه الجديد.

عدم وجود توافق أو صفقة سياسية

تضمن ولاء بقايا النظام القديم له، يعني أن وصوله للسلطة لم يكن نتيجة تفاهمات خلف الكواليس، بل جاء بجهوده الذاتية، وهو الآن يواجه تداعيات ذلك.

المشهد القادم: صمود أم مواجهة شاملة؟

أمام أحمد الشرع تحديات كبرى، إذ أن إسرائيل تسعى إلى التوغل أكثر في سوريا، وتحاول إشعال المزيد من الفوضى عبر دعم مجموعات معارضة له من الداخل، وهذا يفرض على القيادة الجديدة في دمشق اتخاذ قرارات حاسمة، بين الصمود والاستعداد لمواجهة طويلة الأمد، أو الانجرار إلى مواجهة شاملة مع إسرائيل والقوى المتحالفة معها.

إن ما يحدث في غزة حاليًا من مواجهة ضد الاحتلال الإسرائيلي لن يبقى معزولًا، بل سيكون له تأثير على سوريا والمنطقة ككل. الصراع مع إسرائيل لا يقتصر على جبهة واحدة، بل يمتد إلى كل محور المقاومة.

ورغم أن الشرع يقود جيشًا حديث التكوين، فإن مقاتليه متمرسون في حرب العصابات، مما يمنحه أفضلية كبيرة في أي مواجهة قادمة.

إذا استطاعت غزة، المحاصرة من العدو والصديق، أن تصمد وتحقق توازنًا عسكريًا، فإن سوريا، بعمقها الجغرافي المديد، قادرة على تحقيق أكثر من ذلك.

هل يكون الشرع قائد الفتح القادم؟ 

التاريخ يعيد نفسه، وما حدث مع صلاح الدين وسيف الدين قطز قد يتكرر، حيث تتحول الشام إلى مركز إعادة التوازن في المنطقة.

وعلى الشرع أن يتعاون مع دول الجوار بالتنسيق الامني وخصوصا المملكه الاردنيه الهاشميه التي ستكون الدرع الحصين لجنوب سوريا، وعليه ايضا أن يدرك أن المواجهة مع إسرائيل حتمية، وأن الاعتماد على بعض الأنظمة العربية الرسمية قد لا يجدي نفعا و لن يجلب نصرا

المرحلة القادمة ستكون حاسمة، والشرع أمام خيارين لا ثالث لهما:

– مواجهة مفتوحة ستحدد مصير سوريا والمنطقة.
– الرضوخ للضغوط الدولية والإقليمية، مما قد يؤدي إلى تكرار سيناريو إسقاط قيادات سابقة.

إسرائيل وأميركا ، تفاجأتا به، وهو الآن في عين العاصفة. فهل سيكون على قدر المسؤولية، أم أن القوى الكبرى ستتحرك لإزاحته كما فعلت مع آخرين قبله؟

الايام القادمه حبلى بالمفاجأت
ننتظر ما سيكون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!